موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

نصيحتي للقائمين على مركز صناعة المحاور . اتقوا الله في الشباب

18 شعبان 1444 |

نصيحتي للقائمين على مركز صناعة المحاور . اتقوا الله في الشباب

الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين والعاقبة للمتقين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين أما بعد : فما زلت في مقالاتي أنتقد وأحذر تحذيراً شديداً من مركز صناعة المحاور وأنصح القائمين عليه بتقوى الله تعالى والعدول عن هذا النشاط المخالف للكتاب والسنة ومنهج سلف الأمة لما فيه من خطورة عظيمة على عقيدة الشباب . وأنصحهم بالإبتعاد عن الشخصيات المشبوهة كأحمد السيد وسامي عامري وعبد الله العجيري وأمثالهم وليتقوا الله ولا يغرروا الشباب بهم . ولقد وعدت القارئ والمستمع بالإجابة على الأسئلة التالية ؛ هل نترك الملحدين الذين ينكرون وجود الله تعالى فلا ندعوهم ولا نحاورهم ولا نحاربهم ؟ ومن الذي يحاورهم ؟ وهل من المحاورين ملحدون هم أنفسهم يحتاجون إلى من يدعوهم إلى الإيمان الصحيح ؟

فأقول وبالله أستعين وعليه أتوكل وإليه أنيب . الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم الواجبات الشرعية . والإلحاد منكر بلا شك وواجب على المسلمين إنكاره ، لكن الإنكار أيضاً له ضوابط شرعية . فلا بد من العلم قبل الإنكار والرفق في الإنكار والصبر بعد الإنكار . فمن كان فاقداً للعلم أو كان ضعيفاً فلا يجوز له الإنكار فضلاً أن يكون واجباً في حقه ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم علق حكم الإنكار وتغيير المنكر بالإستطاعة ، والجاهل أو قليل العلم أو ضعيف الحجة غير مستطيع . ولأن الجاهل قد ينكر ما ليس بمنكر أو ينكر المنكر فيأتي بمنكر أكبر منه . ولو نظرنا في برنامج صناعة المحاور لوجدنا أكثرهم فاقداً لهذا الشرط . والمركز يستقبل من الشباب ابتداء من الذين أعمارهم من السابعة عشر ، ومدة الدورة سنة واحدة وقد لا ينضبط الطالب بالحضور كما هي عادة عامة الطلبة ، وأغلبهم ليس عندهم من العلم بالإيمان الصحيح الذي يؤهله ليكون محاوراً للملحدين . وهنا تكمن الخطورة فقد يلتحق الشاب أو الشابة فيلقن شبه الملحدين وهو غير قادر على استيعاب ما يسمعه من الشبه فضلاً عن أن يملك القدرة على فهم الجواب وحفظه وإتقانه ومحاورة الآخرين به . وأيضاً النهي عن المنكر إنما هو فرض كفاية إذا قام به العلماء والمتخصصون سقط التكليف عن الآخرين . فهذا الشاب من الأصل لا يجب عليه محاورة الملحدين لأنه غير قادر على محاورتهم ، وفي محاورتهم خطورة شديدة وكبيرة على دينه وعقيدته . والسلامة لا يعدلها شيء . والواجب على المسلم أن لا يجالس الملحدين ولا يستمع لهم لقوله تعالى : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا) (140) (سورة النساء) ولقوله تعالى :(وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَىٰ مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)(68) (سورة الانعام) . وفي الحديث عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالَتْ: قالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: إذَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ما تَشَابَهَ منه، فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ) رواه مسلم (2665 )

فإذا كنا قد نُهينا عن القعود مع الذين يخوضون في آيات الله ، وحذرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - من الذين يتبعون المتشابه من القرآن فكيف يسوغ للقائمين على مركز صناعة المحاور توريط الشباب والشابات في محاورة الملحدين والإستماع إلى شبههم الشيطانية . والمحافظة على دين وعقيدة الشباب المسلم أولى وأحق وأوجب من محاورة الملحدين . وبإمكان مركز صناعة المحاور تغير مركزهم إلى مركز لنصيحة الشباب الذين تأثروا بالإلحاد ، بحيث يكون في المركز عدد من المتمكنين بالعلم والفهم ولو كانوا ثلاثة أو أربعة يستقبلون الشاب المشوش عليه والمتأثر بالإلحاد في جلسات خاصة دون حضور جمهور ولا تصوير ، مع الستر التام على الشاب وأسرته ، فيحصل بذلك خير كثير بإذن الله تعالى والله يهدي من يشاء إلى صراطه المستقيم . ولأن الأصل في المجادلة والكلام في ذات الله تعالى المنع وإنما أبيح منه ما كان للضرورة . حتى لو انتشر الإلحاد الذي هو بمعنى إنكار وجود الله تعالى فهذا لا يعني جواز إقحام الشباب في مواجهته والخوض فيه ومحاورة أهله فافهموا هذا جيداً ولا تخلطوا بين الأمور واحذروا من توريط الشباب من أن تزيغ قلوبهم فيخسروا دينهم وتكونوا سبباً في ذلك ، وأما السؤال هل من المحاورين ملحدون هم أنفسهم يحتاجون إلى من يدعوهم إلى الإيمان الصحيح ؟ الجواب نعم وكثيرون لا كثرهم الله تعالى . فالمعتزلة ملاحدة والإباضية ملاحدة والرافضة ملاحدة بل حتى الأشاعرة ملاحدة وقد سبق أن بينت بأن الإلحاد له معاني وصور عديدة وليس مقتصراً على إنكار وجود الله تعالى . والخلاصة : الإلحاد بمعنى إنكار وجود الله ، نعم يوجد ومنتشر جداً ولكن أكثره من باب المكابرة لا حقيقة له بل الدافع له الإعراض عن دين الله تعالى لا يريدون تعلمه ولا الإستقامة عليه وإنما يرغبون بالإباحية والتحرر من كل دين . فلست بصدد إنكار وجود الإلحاد والملاحدة ولا التقليل من شأن الرد عليهم ولا التهوين من شرهم ولست - والحمد لله - منكراً لتوحيد الربوبية ولا لشيء من دين الله تعالى . والله أتعجب من الذي يتهمني ويفهم من كلامي أني أنكر توحيد الربوبية أو أقلل من شأنه . فإذا كان هذا مستوى فهمه وغاية علمه فكيف يمكنه محاورة الملحدين ودفع شبههم ؟ والذي يظهر لي أن بعض هؤلاء على منهج منحرف كان يتستر ويتخفى وآن الأوان أن يظهر على حقيقته تطبيقاً للقاعدة الباطلة " نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً في ما اختلفنا فيه"

وللحديث بقية إن شاء الله تعالى ، إذا كان في العمر بقية .

والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

المقالات