موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

الرافضة والصوفية والإباضية يبغضون الشيخ محمد بن عبدالوهاب لدعوته للتوحيد (٤/٢)

16 صفر 1443 |

الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين والعاقبة للمتقين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد : فإن عموم الرافضة والصوفية والإباضية صغارهم وكبارهم علماءهم وعامتهم لا يعرفون الشرك الذي نهانا الله عنه بقوله(وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا)(36) (النساء) وتوعد عليه أشد الوعيد، فقال تعالى: (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (72) (المائدة) وأخبر أنه تعالى أنه لا يغفر لمن مات عليه فقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ۚ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا (48) (النساء) والشرك محبط للأعمال قال تعالى: (ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۚ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (88) (الأنعام) وقال تعالى: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) (الزمر) وأول الوصايا العشر في سورة الأنعام هي النهي عن الشرك قال تعالى: (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ۖ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا (ۖ151) (الانعام) والشرك هو الظلم العظيم قال تعالى: (لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13) (لقمان)، والشرك هو أكبر الكبائر وأعظم ذنب عصي الله به، وعلى الرغم من خطورة الشرك وشناعته إلا أن الرافضة والصوفية والإباضية ونحوهم لا يتكلمون عن الشرك ولا ينهون عنه ولا يحذرون منه ولا يعرفونه أصلاً، ومن يعرفه لا يتكلم فيه بل ويعيب على من يتكلم عن الشرك ويتهمه بأنه يكفر المسلمين‼️ ولقد جربت بنفسي كما جرب غيري فسألنا كثيراً من الرافضة والصوفية والإباضية عن تعريف الشرك فما أجاب أحد منهم إجابة صحيحة‼️ إذن كيف يجتنب الشرك ويحذر منه من لا يعرفه ؟ لذلك هذه الفرق الضالة كلها تحارب الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى ويحاربون دعوته ويبغضونه بغضاً شديداً ومنهم من يصرح بتكفيره والعياذ بالله تعالى . وهذا ليس غريباً ولا عجيباً ، لأن الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى حارب شركهم وأوثانهم ومزاراتهم وقبابهم وأفقدهم مكانتهم وفوّت عليهم زعامتهم ‼️ إذن ما الشرك الذي نهانا الله عنه وتوعد أهله ؟ الجواب : إذا عرفت أن التوحيد هو عبادة الله وحده، إذن الشرك هو عبادة غير الله مع الله تعالى، أو صرف حق من حقوق الله لمن دونه من خلقه. ولا فرق بين من يعبد مع الله ملائكة أو شياطين ولا فرق بين من يعبد رسولاً أو وثناً، ولا فرق بين من يعبد شمساً أو كوكباً ، ومن يعبد ولياً صالحاً، ومن لم يفهم هذا لكنه أقبل على الله تعالى واستهداه فإن الله يهديه للحق بإذنه وإلى صراطه المستقيم ، أما من كابر وأعرض عن الآيات البينات فلا نملك سبيلاً لهدايته.

واعلم أرشدك الله إلى هداه أن المشركين الأوائل من العرب وغيرهم منهم من كان يعبد الملائكة، ومنهم من كان يعبد الرسل، ومنهم من كان يعبد الأولياء الصالحين ومنهم من كان يعبد الشمس أو النوء ومنهم من كان يعبد الجن ومنهم كان يعبد الأحبار والرهبان والكبراء والسادة، ومنهم من كان يعبد الأصنام والأوثان ولكل هؤلاء أنزل الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم قوله تعالى (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافًرُونَ(1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ(2) وَلَا أَنتُمْ عَابًدُونَ مَا أَعْبُدُ(3) وَلَا أَنَا عَابًد مَّا عَبَدتُّمْ(4) وَلَا أَنتُمْ عَابًدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دًينُكُمْ وَلًيَ دًينً(6) .(الكافرون) وأول ما حدث الشرك كان في قوم نوح عليه السلام لما اتخذوا تصاوير وأصناماً لأناس صالحين، ثم ما زالوا يعكفون عندهم حتى عبدوهم من دون الله تعالى ، فما ودٌّ وسواع ويغوث ويعوق ونسر إلا أسماء لعبادٍ صالحين لما دعوهم من دون الله تعالى فصاروا بذلك مشركين مع أنهم ما دعوا إلا أولياء ،وكذلك الحال حدث في زمن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ما حدث في زمن نوح عليه السلام فما اللات إلا اسم لرجل صالح كان يلت السويق للحجاج. (والسويق نوع من الطعام )
وكل من عبد غير الله فهو عابد للشيطان، ولقد أمر الله تعالى بعبادته وحده ونهى عن عبادة غيره وأخذ العهد على بني آدم أن لا يعبدوا الشيطان، ومع هذا (فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسً إًلاَّ كُفُوراً)(89) (الإسراء)، قال تعالى:(أَلَمْ أَعْهَدْ إًلَيْكُمْ يَا بَنًي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إًنَّهُ لَكُمْ عَدُوّ مُّبًين وَأَنْ اعْبُدُونًي هَذَا صًرَاط مُّسْتَقًيم وَلَقَدْ أَضَلَّ مًنكُمْ جًبًلّاً كَثًيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقًلُونَ) (يس: 62ـ60)، فالشيطان (أَضَلَّ مًنكُمْ جًبًلّاً كَثًيراً) أي خلقاً كثيراً لأن كل من عبد غير الله بأمر من الشيطان فهو في عابد للشيطان لذلك قال إبراهيم عليه السلام لأبيه: (يَا أَبَتً لَا تَعْبُدً الشَّيْطَانَ) (44) (مريم) مع أنه كان يعبد الأصنام، كما في قوله تعالى(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً ۖ إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (74) (الانعام) وكذلك قوم "سبأ" كانوا يسجدون للشمس من دون الله فقال الله تعالى عنهم (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنً السَّبًيلً فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ) (24)(النمل)

والشيطان يدعو إلى عبادة غير الله تعالى ولا يبالي بأي معبود يعبد من دونه، سواء كان نبياً أو ولياً أو صنماً أو وثناً فغايته أن يضل بني آدم قال الله تعالى:(إًنَّمَا يَدْعُو حًزْبَهُ لًيَكُونُوا مًنْ أَصْحَابً السَّعًيرً(6) .(فاطر) واعلم أن قبر النبي صلى الله عليه وسلم لو عُبد لكان وثناً فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا ربه فقال (اللهم لا تجعل قبري وثنا، لعن الله قوماً اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) أخرجه أحمد (13/88) فلم يبق شيء أكثر وضوحا من هذا الحديث لو أبرز قبر النبي صلى الله عليه وسلم وعُبد من دون الله تعالى لصار وثناً (فَمَا لًهَـؤُلاء الْقَوْمً لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدًيثاً (78) (النساء) فالإنسان يكون مشركا إذا صرف عبادة واحدة لغير الله ولو مرة واحدة، ولقد ظن كثير من الناس أن الإنسان لن يكون مشركاً إلا إذا صرف كل العبادات لغير الله تعالى وهذا الظن يدل على درجة كبيرة من الجهل والضلال ، فالعبادة اسم جامع لكل الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة التي يحبها الله ويرضاها كالسجود والركوع والذبح والنذر والدعاء والخوف والرجاء والتوكل والاستعانة والاستعاذة والاستغاثة وغير ذلك، والمشرك هو من أشرك مع الله تعالى إلهاً آخر ولو صرف نوعاً واحداً من العبادة لغير الله تعالى ولو مرة واحدة. 
وفي الحديث الصحيح قال النبي صلى الله عليه وسلم «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك» أخرجه الترمذي (1535) وقال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل قال له: ما شاء الله وشئت يا رسول الله، فقال عليه الصلاة والسلام: (أجعلتني لله نداً قل ما شاء الله وحده) أخرجه أحمد (3/253) وذكره الالباني في تحذير الساجد (145)
وثبت أيضا في الحديث الصحيح أن بعض مسلمة الفتح لما سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم شجرة يتبركون بها فقالوا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم -أي للمشركين- ذات أنواط، فقال عليه الصلاة والسلام:«الله أكبر إنها السنن قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة إنكم قوم تجهلون». أخرجه الترمذي(2180) وأكثر الدعاة يهملون التوحيد ولا يحذرون من الشرك فضلاً عن الرافضة والصوفية والإباضية، الذين يمارسون الشرك صراحةً، ومنهم من لا يظهر شِركه علناً ولا ينكره ، أو ينكره أحياناً على استحياء مع مداراة ومداهنة لعباد الأولياء، وأحياناً ينكر بلطف ورقة فيقول : هذا خطأ وينبغي للمسلم أن لا يفعل ذلك . كما يفعل أحمد الخليلي مفتي الإباضية ، لقد قَصَّر كثير من الدعاة اليوم على مختلف طبقاتهم وتوجهاتهم ومناهجهم في الدعوة إلى التوحيد والتحذير من الشرك فتجدهم يتكلمون في شؤون الأسرة والآداب والأخلاق والفضائل والقصص والأشعار والأناشيد والسيرة والتجويد وما كان نافعاً أو غير نافع إلا الأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك لا يتكلمون فيه إلا نادراً، وكثيراً من الأحيان يقتصرون على ذكر الربوبية أي أن الله هو الخالق المالك المدبر، فحسب دون بيان أن العبادة يجب أن تكون لله وحده، وأما الشرك فيقصرونه على عبادة الأصنام والأوثان، دون عبادة الأنبياء والأولياء .

وقد يكون هذا عن جهل تارة، ويكون عن قصد تارات ، وذلك لأنهم يرون أن الكلام في التوحيد يفرقهم وأكثر هذه الدعوات قائمة على التجميع والتكثير. والله المستعان وإلى مقال قادم إن شاء الله تعالى ، والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

المقالات