موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

التصفية و التربية

3 محرم 1428 |


الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:



فإن مصطلح التصفية والتربية اشتهر به المحدث الكبير العلامة محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله تعالى - وكل من له عناية بقراءة كتبه أو سماع أشرطته يظهر له ذلك جلياً واضحاً.



ولكن ما المقصود بـ (التصفية والتربية)؟

 الشيخ رحمه الله تعالى تولى بنفسه الجواب عن هذا الاصطلاح وخلاصته: أي تصفية الإسلام مما دخل عليه مما ليس منه من الشرك والشعوذة والسحر والخرافات والبدع وتفاسير القرآن الباطلة والأحاديث الموضوعة المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم والأحاديث الضعيفة والواهية. 
وتصفية الإسلام من الإسرائيليات من المناهج الفكرية المنحرفة التي عصفت بالشباب وشوهت صورة الإسلام.

 وأما التربية فهي بمعنى الاستقامة والتخلق بالأخلاق الشرعية العظيمة من الصدق والأمانة والوفاء بالعهد والبر والصلة وحسن الجوار والآداب الشرعية التي يطول ذكرها.



عزيزي القارئ هل الشيخ العلامة الألباني رحمه الله تعالى قام بما دعا إليه أم لا؟ 

الجواب: اللهم نعم، لقد قام بأعمال قد تعجز عنها جماعات ودول بل قد عجزت على الرغم من أنه (فرد) غير مدعوم، فأخرج للعالم الأحاديث الكثيرة من ظلمات المخطوطات إلى نور المطبوعات، وحذر من كثير من البدع في الصلاة والجنائز وغيرها، وحارب التوسل الشركي والبدعي، وحارب مناهج التكفير والتفجير، وتحمل في سبيل الحق الشيء الكثير على الرغم من كثرة المخالفين تارة، والحساد تارات أخرى، فنفع الله تعالى به كثيراً من الشباب والشيوخ حتى لو قال قائل: إن النهضة الحديثية المعاصرة الجبارة إنما هي عالة على جهود العلامة الألباني رحمه الله تعالى لما أخطأ بذلك.



أخي القارئ الكريم لقد أثبت الشيخ العلامة الألباني رحمه الله تعالى أن الشباب المسلم بحاجة إلى قدوات أكثر من حاجته إلى جماعات وتنظيمات. 

نعم هذه حقيقة، كم من جماعة قامت وتنظيم بدأ وانتهى، وكم جرى بينها من اختلافات وانقسامات، ففروع وأمهات ومصالح زادت عليها النزاعات، ولا بركة فيها، بينهم تجد العلامة الألباني له طلاب وتلاميذ ومحبون في كل مكان نفع الله بهم وما زالوا، بركة بلا حدود. 

لقد كان جامعة بلا مبنى، وأستاذا بلا كرسي، وقائدا بلا إمارة، سلاحه الدليل، السنة، الحق، منهج السلف، رضي من رضي وسخط من سخط، لا يبالي بمنصب ولا لقب ولا شهادة ولا رياسة، فجاءته تلك الأمور من غير أن يسعى وراءها والأشرطة أكبر شاهد يتصلون عليه من كل القارات ليستفيدوا من بحر علمه وتجربته وفهمه ورأيه السديد، فرحمه الله رحمة واسعة، مات وآثاره ما زالت حية ولا يمكن أن نستوفي حقه في مثل هذه العجالة ومما أثر عنه في آخر حياته أنه قال: «دَعَوْنا إلى التصفية والتربية منذ نصف قرن من الزمان، أما التصفية فحصل منها الشيء الكبير والحمد لله وأما التربية فما زال فيها نقص»، أو كما قال.



والخلاصة

  • 

أولا: أن الشيخ العلامة الالباني - رحمه الله تعالى - دعا الناس نحو نصف قرن من الزمن إلى التصفية والتربية.

  • 

ثانيا: المقصود تصفية الإسلام وإظهاره نقياً صافياً على حقيقته وإماطة ما علق به مما ليس منه، وتربية الناس على التمسك به والعمل بتعاليمه.



  • ثالثا: أننا بحاجة إلى قدوات أكثر من حاجتنا إلى جماعات.



  • رابعا: أن الله تعالى قد يبارك بالجهد الفردي وينفع به كثيرا.



  • خامسا: أن للشيخ العلامة آثاراً كثيرة طيبة نافعة يمكننا الاستفادة منها.



  • سادسا: أن صاحب الحق مهما كثر مخالفوه وحساده إذا صدق وصبر وثبت على الحق ولم يتقلب في الأهواء، سينفع الله به ولو بعد حين.



  • سابعا: العلامة الألباني نموذج معاصر وليس شيئا مستحيلا يمكنك أن تقتدي به وتصنع ولو شيئا يسيرا مما صنع.




والحمد لله أولا و آخرا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المقالات