موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

أيها الابن الكريم... ليس هذا المأخذ الذي أخذ على الشيخ محمد بن هادي المدخلي

14 جمادى الأولى 1439 |

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

فلقد كتبت رسالة وجهتها إلى الشيخ محمد ابن هادي المدخلي - وفقه الله لهداه -، وكالعادة ما إن يتكلم أحد عليه بكلمة أو يلاحظ عليه ملاحظة إلا وانهالت عليه - من المتعصبين له - سهام بل سيول من السب والشتم والتحقير والتخوين والاتهامات، بل وبعضهم بلغ فيه الأمر أن يلعن من انتقده!! ونسي أو غفل عمّا رواه الشيخان - البخاري ومسلم - في «صحيحيهما»، عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «لَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ»، واللفظ لمسلم.

وكثير منهم - بل أكثرهم - لا يستحق الرد ولا التعقيب، فمثله تجاهله أسلم وأحكم.

لكن تعجبت من أحد الأبناء ممن أحبهم وأظن أنه يحبني، خاض مع الخائضين، ونشر بعض كلام المبغضين السبابين المعتدين!!

وكان من كلامه تلك الحروف بنصها، قال فيها:

«الشيء بالشيء يذكر كان شيخنا محمد بن هادي في مسجده إذا أتوه طلاب من بلدان مختلفة يجلس لهم ويمازحهم حتى ولو كان مشغولاً وكان حفظه الله فصيحاً فقيهاً عالماً، أما والله لو قلت أنه يحفظ رجال التقريب لما أبعدت وذلك حينما كنّا نقرأ عليه أبي داود لراوٍ راوي، حفظه الله وأعانه على ما ابتلاه» انتهى كلامه.

فأقول:

ذكرني كلامه بكلام من يدافع عن فرقة التبليغ، فما إن ننتقدهم بما هو فيهم إلا وتحولوا إلى ذكر مناقبهم وجهدهم وسفرهم ورحلاتهم، وكيف أن الناس استفادوا منهم وتابوا على أيديهم!!

كما ذكرني كذلك بأولئك الذين ما إن يسمعوا في «ولد الددو الشنقيطي» كلمة إلا وقالوا: هذا يحفظ كذا وكذا في الفقه والأصول واللغة والشعر والأدب ووو... الخ!!

فيا أيها الابن الكريم...

سبحان الله! ما علاقة ما انتقدته على الشيخ محمد بن هادي فيما أثنيت به عليه؟!

وأعجب من ذلك أن بعض المتعصبة لا يسمعون بكلمة نقد لشيخهم إلا ورجعوا إلى الأرشيف، واستخرجوا لشيخهم التزكيات، وما قال عنه الأحياء والأموات، كما فعل أحد السبابين الشتامين، فقد ذكر نحو خمس عشرة تزكية للشيخ محمد بن هادي، وكأن التزكيات تعطيه حصانة، أو تفضي عليه قداسة، أو تضيف عليه عصمة الأنبياء!!

سبحان الله! داء الحزبيين تسرب إلى بعض السلفيين!!

والله المستعان.

أيها الابن الكريم - حفظك الله رب العالمين -...

إن انتقادي للشيخ محمد بن هادي كان على أفعاله التي يمارسها مع من يختلف معهم، وما تسبب به من فرقة بين أهل السنة في بلاد المسلمين وغير المسلمين.

فوالله الذي لا إله إلا هو؛ ما سمعت قط أن الشيخ ابن باز أو الشيخ ابن عثيمين -رحمهما الله تعالى - أو غيرهما فرقوا بين أهل السنة، فحزبوهم إلى حزبين ضد ومع، كما يفعل بعض الناس اليوم.

وما يدريك ربما لو اختلفت مع شيخك محمد بن هادي لوجدت منه غير الوجه الذي تعرفه فيه، وربما أَخرج منك فرقة سماها «الرماحية»!!

واسأل من جرب هذه التجربة معه، وستتأكد من الحقيقة المؤسفة.

ثم ما يدريك قد تكون الفرقة التي ابتلوا فيها اليوم بسبب ظلمهم!!

فكم من جمع فرقوه، وكم رحم تسببوا بقطيعته، والجزاء من جنس العمل، فليذوقوا ما كانوا يزرعون.

وكنت قد توقعت أن الخلاف سينشب بينهم بعد وفاة أحد المشايخ الكبار - أحسن الله خاتمته -، وتوقعت أنهم سيتنازعون على حمل لواء الجرح والتعديل من بعده، ومن ذَا الذي سيخلفه، وقد صرحت بذلك في بعض مقالاتي و - سبحان الله - صدقت توقعاتي، لكن وقعت قبل وفاة الشيخ لحكمة أرادها تبارك وتعالى وهو أحكم الحاكمين.

فيا أيها الابن الكريم...

يا ليتك تحافظ على أخوتنا، وتدع نشر السباب والشتائم، ولا تدع مجالاً للشيطان يحرش بيننا، وإياك والبغي على إخوانك بغير حق، فمن حقك أن ترد وتنتقد، لكن من غير تعد ولا ظلم ولا تعصب.

والله أسأل أن يهديني وإياك والشيخ محمد بن هادي وكل سني إلى صراطه المستقيم، ويرزقنا الإنصاف والخلق القويم.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المقالات