موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

أيها القحطاني أتشك بعلم الشيخ ابن باز وفقهه وتغتر بـــ«أبو عرفة» الإعلامي؟! [٣/ ٣]

26 شوال 1438 |

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

فهذا المقال الثالث في بيان ما أشكل على الأخ القحطاني مما لبس به عليه مُدَّعي العلم الأخ الإعلامي صلاح الدين أبو عرفة هداه الله إلى صراطه المستقيم، فأقول وبالله أستعين:

لقد روى البخاري ومسلم في «الصحيحين»، من حديث عائشة رضي الله عنها، عن النبي ﷺ أنه قال: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» الحديث، وقوله ﷺ: «مَا لَيْسَ مِنْهُ» قيد مهم، وله مفهوم مخالفة والأخ الإعلامي أبو عرفة إما أنه لا يعلم معنى هذا القيد، أو لم يفطن له، أو لم يتنبه له، أو يعلمه ولكنه يتعمد إخفاءه للتلبيس على الناس، أو لمقاصد أخرى فالله أعلم عن ما في نفسه.

ولبيان ذلك أقول: أن قول النبي ﷺ: «مَا لَيْسَ مِنْهُ» المفهوم منه أن من أحدث في الدين مما هو منه فلا بأس في ذلك، ومقبول منه وليس برد .

فمثلا تقسيم التوحيد إلى ربوبية وألوهية وأسماء وصفات، هل هذا من الدين أو ليست من الدين؟

الجواب: إذا كان هذه التقسيم الثلاثي للتوحيد من الدين ، ودل عليها القرآن والسنة فلا بأس به وليس فيه أي محظور ومن حقنا أن نقول توحيد الربوبية وألوهية والأسماء وصفات، ولو لم يقل النبي ﷺ ذلك، وأما إذا كانت الربوبية والألوهية والأسماء والصفات ليست من الدين فلا يجوز أن ننسب للدين ما ليس منه.

والعلماء الذين هم ورثة الأنبياء قرؤوا قول الله تعالى: ﴿ رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ﴾ [مريم: ٦٥]، ففهموا وفقهوا من قوله تعالى: ﴿ رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ﴾ أن الله تعالى هو الرب الذي لا شريك له في الخلق، ولا في الملك، ولا في التدبير، فاختصروا ذلك فقالوا: «توحيد الربوبية»، وفهموا وفقهوا من قول الله تعالى: ﴿ فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِه ﴾، أن الله تعالى أمر عباده أن يعبدوه وحده لا شريك له، لأنه الإله الحق المستحق للعبادة، وهذا «توحيد الألوهية»، ولما قرؤوا قوله تعالى: ﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ﴾، وهذا استفهام بمعنى النفي، فقالوا لا شريك لله في أسمائه وصفاته وهذا «توحيد الأسماء والصفات».

وبهذا يتبين لنا أن تقسيم التوحيد إلى ربوبية وألوهية وأسماء وصفات من الدين ومن القرآن والعلماء ولم يحدثوا شيئا ليس من الدين بل هذا من القرآن كما بينت ذلك.

فلا يقال هذا التقسيم بدعة، بل لا يقول التوحيد بدعة فضلا عن أن يقال هذا تثليث كتثليث النصارى، بل لا ينكر هذا التقسيم إلا جاهل ما فهم معنى البدعة.

فإن زعم أنه عالم وهو يجهل أنه جاهل فهذا الجهل المركب عافانا الله منه.

مثال آخر:

نواقض الإسلام العشرة التي ذكرها الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى، كذلك نقول فيها إن كانت من الدين وعليها أدلة من الكتاب والسنة فلا بأس بذكرها وحفظها وتعلمها ونشرها، ولو لم يذكرها النبي ﷺ بهذا النص وبهذا العدد، ولقد ذكر الشيخ لكل ناقض دليله، فكيف يقال بدعة؟!

والبدعة ما ليس من الدين، وهذه النواقض لها أدلتها، إذن هي من الدين فتنبه لهذا .

نعم لو كانت ليست من الدين لكان واجب علينا إنكارها أشد الإنكار

فأبو عرفة أكثر انكاره على علماء أهل التوحيد والسنة قد بناه على فهمه الأعوج للبدعة، فأنكر العلم والعلماء وبَدّعهم، ودعا إلى إحراق كتبهم، لأنه لم يفرق بين ما كان من الدين وما ليس منه، فتجده يقول:

من أين لكم أن التوحيد ثلاثة أقسام؟ هل قاله الله في كتابه؟ هل قاله رسول الله ﷺ؟ هل قاله أصحاب النبي ﷺ؟ يا مبتدعة! يا ضُلّال! يا شياطين! أنتم أحدثتم في الدين، أنتم والرافضة سواء، أنتم كذابون، أنتم أنتم أنتم...إلى آخر قاموس الشتائم .

فلم يسلم منه الأحياء ولا الأموات، بل يسرد من الشتائم التي تعوّد عليها لسانه وعجز عن حفظ لسانه منها.

وكان الواجب على هذا الإعلامي المتعالم أن يتواضع للعلماء ويتأدب معهم، ويتعلم منهم ويعرف لهم قدرهم وحقهم، كما قال النبي ﷺ: «لَيْسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ« [رواه أحمد عن عبادة بن الصامت- حديث:‏22164‏، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد(8/ص14) رواه أحمد والطبراني وإسناده حسن]، وفي رواية كما وردت عند الحاكم [حديث:‏381‏]: «ليس منا من لم يبجل كبيرنا، ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه»،، أسأل الله تعالى أن يهدينا وإياه إلى صراطه المستقيم.

فائدة: إن كثيرا من المسلمين إذا أقسم قال: والله وتالله وبالله كذا وكذا، وحسب علمي لا أعلم دليلا على أن النبي ﷺ أقسم بهذه الصيغة بحروف القسم الثلاثة: الواو والتاء والباء متتالية. فيقل والله وتالله وبالله فهل هذه بدعة؟

الجواب:

بما أن هذا القسم من الدين فلا بأس به، والبدعة هي الإحداث في الدين ما ليس منه. ثم أبو عرفة نفسه يكثر من قوله يعلم الله ما في قلبي ويشهد الله على ما في قلبي . والسؤال: هل ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يعلم الله ما في قلبي ويشهد الله على ما في قلبي؟ إذا لم يثبت ذلك فهل قول أبو عرفة بدعة؟ الجواب عند أبو عرفة!! والخلاصة: إذا فهمنا هذا التأصيل عرفنا ما عليه الصوفية والرافضة من البدع التي لا أصل لها في الدين، وعرفنا كلام أهل السنة الذي من الدين ولو لم يرد عن النبي ﷺ، قال تعالى: ﴿ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ [طه: ١١٤].

والحمد لله أولاً وآخراً، وظاهراً وباطناً، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

المقالات