موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

هل افترى الشيخ عبد الله السبت - رحمه الله تعالى - على الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق كما يزعم؟

15 رجب 1437 |

الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والعاقبة للمتقين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فلقد كتب الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق رسالة بعنوان «نقض الفرية الرد على ما ادعاه عبد الله بن خلف السبت»، وزعم فيه أن الشيخ عبد الله السبت رحمه الله تعالى افترى عليه!!

والسؤال: ما الذي افتراه عليه؟

الجواب: زعم الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق أن الشيخ عبد الله السبت افترى عليه لما قال: «أنه يرى الثورات على الحكام»!!

أقول: سبحان الله! لقد كان الشيخ عبد الله السبت من أعرف الناس بالشيخ عبد الرحمن، وقد استمرت صحبتهما سنوات طويلة، وعرف عنه ما لا يعرفه كثير من الناس، وذكر أنه «يرى الثورات على الحكام»، وبعد عشرين سنة تقريباً ظهرت تلك الحقيقة، فأيد الشيخ عبد الرحمن الثورات، وأشاد بثورة مصر ضد الرئيس حسني مبارك، فقال بالحرف الواحد: «شباب مصر قاموا بأنظف وأفضل ثورة وجدت في التاريخ، فلا توجد ثورة في التاريخ القديم أو المعاصر في النظام والأخلاق والأدبيات والأهداف التي قامت من أجلها، وفي الأسلوب الذي اتبعته، الناس لم تر طول تاريخها صورة لا يقوم فيها الثوار بالاعتداء على الناس وسفك دمائهم وتخريب الممتلكات بالعبث أو غيره، ثم يجتمع فيها كل أطياف المجتمع المصري في تناسق وتنسيق وأدب وخلق على هذا النحو! هذا أمر غير مسبوق. فكل الثورات التي درسناها في التاريخ كالثورة الفرنسية أو البلشفية لم تنجح إلا بإسالة بحر من الدماء، الشيوعيون قتلوا نحو 38 مليون شخص كي يقيموا ثورتهم، والثورة الفرنسية كان شعارها «اقتلوا آخر إمبراطور بأمعاء آخر قسيس»، لكن الثورة المصرية خرجت لتزيح الحاكم وتنادي بنظام ديمقراطي» انتهى كلامه من مقابلة أجرتها معه جريدة الوطن بتاريخ [ ٢٧-٥-١٤٣٢ الموافق ٢٧-٤-٢٠١١ ].

بل وبعد ذلك زار الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق مصر، ومعه الدكتور يوسف القرضاوي، وتقابل مع الرئيس محمد مرسي، وبارك له على الثورة، وعقدت معه مقابلة تلفزيونية وزعم أن الاحتفال بذكرى مرور عام على الثورة أمر مشروع !!

فما الفرية التي افتراها الشيخ عبد الله السبت كما زعم الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق؟!

لقد توفي الشيخ عبد الله السبت رحمه الله تعالى وبقي الرد موجوداً ومطبوعاً ومنتشراً بعنوان نقض الفرية، فمن افترى على من؟ فالله يحكم بينهما يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون.

أقول: ما أن قامت الفتن في بلاد المسلمين التي سموها زوراً بالربيع العربي إلا وكان الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق وطلابه من أول المؤيدين لها والخائضين فيها، يأججونها بين الحين والآخر، ويدعمونها هنا وهناك، ويشاركون فيها مشاركة فعلية وعلنية.

ولكي لا أتكلم بلا بينة ولا برهان سأذكر مثالاً يتبين معه الحال.

فقد نقلت جريدة "مباشر" الإلكترونية يوم الخميس ١٣ يونيو ٢٠١٣ عن أحد أبرز طلاب الشيخ عبد الخالق يدعى «ناصر» - وهو من منتسبي جمعية إحياء التراث الإسلامي، التي يترأس مجلس إدارتها المهندس طارق العيسى- الخبر الآتي:

«تساءل عضو رابطة دعاة الكويت الشيخ ناصر….. في ندوة الدلال: أين النخوة العربية التي تحدث عنها التاريخ، انتهكت الأعراض وسالت الدماء، فماذا ينتظرون؟ وأضاف: العجيب ترجينا رحمتهم، فيا حكام الخليج حافظوا على ما تبقى في نفوس شعوبكم، واتركوا لهم عملاً صالحاً يشفعون لكم به عند ربكم.

وقال للشعب السوري: رفعتم هامتنا، وشعار «ما لنا غيرك يا الله» تساوي «حسبنا الله ونعم الوكيل» الذي قالها إبراهيم عليه السلام عند إلقائه في النار، وكذلك قالها محمد صلى الله عليه وسلم، وأضاف قائلا تخلى عنكم القريب والبعيد فاصبروا وتماسكوا، مبشراً أهل سوريا ببدء حملة تجهيز اثني عشر ألف مجاهد سوري» انتهى.

أقول: أيها القارئ الكريم كما تلاحظ هذه مشاركة فعلية وصريحة، وقد صرح بها في ديوان الدلال وهو من الإخوان المسلمين، ويعاتب حكام الخليج، ويشير إلى خذلانهم للسوريين، وتجاهل كل ما قام به حكام الخليج من الدعم المادي والمعنوي، وهذا مما تعلمه من شيوخه، الكلام على الحكام عن بُعْد مع علمه أن خطابه لن يبلغ حكام الخليج، لكن هذا منهجه الذي تربى عليه، وتصريحه هذا قد سبقه أو زامنه أو تابعه تصريح مثله لطالب آخر من طلاب الشيخ عبد الخالق، في الخطاب المشهور عند إحدى السفارات والذي طالب يومئذٍ أتباعه في سوريا أن يحضروا له عشرة رجال ليقطع رؤوسهم، وفي لحظتها أعلن هذا الآخر عن تجهيز اثني عشر ألف غازٍ!!

﴿ إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ﴾ [ص: ٥]

فهؤلاء بأي صفة وبأي حق يعلنون هذا الإعلان؟!

وهل أذن لهم ولي الأمر بتجهيز اثني عشر ألفاً؟!

وهل جمعوا التبرعات لاثني عشر ألف غازٍ حقاً أو جمعوا التبرعات - وهي غير رسمية - وأنفقوها في دعم جبهات مجهولة أو مشبوهة؟

ولماذا هذا العدد بالتحديد؟

وما إمكانياتهم لتجهيز مثل هذا العدد؟

ومع أي جبهة يقاتلون؟

وتحت أي راية يجاهدون؟

وضد من ينتحرون؟

ولصالح من يموتون؟

وبقيادة من يتسللون؟

ومع منْ يتحالفون؟

وهل يرسلون الشباب من خارج سوريا أم على السوريين يقتصرون؟

وإن كان دعمهم للسوريين فكيف يكونون غزاة وهم سوريون؟

وهل لجمعية التراث دور في ذلك؟ وما موقف المهندس طارق العيسى من كلام صاحب التصريح وهو أحد منتسبي جمعيته ؟

أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابة شافية كافية، في خضم هذه الفوضى التي ليس لها مثيل في العصر الحديث، وجهادهم المزعوم لم يزد السوريين إلا إرباكاً وخبالاً وفتناً ومزيداً من سفك الدماء، وتهجيراً للأهالي وتدميراً للمباني، والعجيب أن القتال في بلد محروقة وهم في بلد آخر يأكلون ويشربون وبين أزواجهم وأولادهم وفي وظائفهم ومنتجعاتهم!!!

والأعجب من ذلك أنهم بعدما تلطخت أيديهم بالفتنة انصرفوا كأنهم لا يعلمون، فخنسوا بعد ما أشعلوها، فحسبنا الله ونعم الوكيل.

أخي الكريم لم أنته بعد من بيان دعوة الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق الإخوانية، وهل الشيخ عبدالله السبت رحمه الله تعالى أخرج الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق من الدين كما يزعم؟ فتابعني في مقال قادم إن شاء الله تعالى بعنوان «ماذا أراد الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق بتوحيد الحاكمية؟».

والحمد لله أولاً وآخراً، وظاهراً وباطناً، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المقالات