موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

وجوب الاستجابة حق لله ورسوله ﷺ وليس للشيخ ربيع المدخلي ولا لغيره (١/ ٢)

12 جمادى الآخرة 1437 |

الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والعاقبة للمتقين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد أرسل لي أحد الإخوة سؤالاً هذا معناه:

استمعت إلى محاضرة بعنوان: «وجوب الاستجابة الصادقة لدعوة الشيخ ربيع للتعاون والألفة بين أهل السنة على السنة»، فهل هذا العنوان يصح؟

فأجبته بالآتي:

أخي الكريم وصلني سؤالك وصلك الله برحمته، فأقول وبالله أستعين:

لقد قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [سورة الأنفال: ٢٤].

ففي هذه الآية الدعوة الصريحة للاستجابة لله ورسوله ﷺ وليس لأحد سوى الله ورسوله ﷺ، والوجوب حكم شرعي وليس لأحدٍ الحق في الإيجاب ولا الاستحباب ولا التحليل ولا التحريم ولا الكراهة مهما كان عظيماً أو معظماً أو وجيهاً أو مطاعاً أو كبيراً أو غير ذلك، وقولهم هذا فيه من الغلو ما فيه، فإن كان ما أمر به الشيخ ربيع المدخلي أو غيره هو مما أمر الله به ورسوله ﷺ فالحق أن يقال: وجوب الاستجابة لله وللرسول فيما أمرنا، وهذا المتعبد به، وأيضاً هكذا يكون الأمر أبلغ في نفوس المسلمين، لذا كان بعض مشايخنا يقول إذا قلت لولدك: أقم الصلاة، فقل له: التي أمرنا الله بها، وإذا قلت له: لا تكذب، فقل له: فإن الله حرم الكذب، وذلك لتربيته على أن العبادة إنما هي طاعة الله تعالى، وأن المعصية إنما هي معصية لله تبارك وتعالى، وتدبر قول الله تعالى: ﴿ مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ۖ ﴾ [سورة النساء: ٨٠]، تجد أن طاعة الرسول ﷺ إنما كانت واجبة ولازمة لأنها طاعة لله تعالى، وقال الله عز وجل: ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ ﴾ [سورة الكهف: ١١٥]، ولولا الوحي الذي أوحى الله تعالى به لعبده ورسوله محمد ﷺ لما كانت طاعته من طاعة الله تعالى ومعصيته من معصية الله تعالى.

أما طاعة غير الله ورسوله ﷺ كطاعة الوالدين وطاعة ولاة الأمور من العلماء والأمراء فهي مقيدة ما لم تخالف أمر الله ورسوله ﷺ، فهي ليست على إطلاقها.

لكن هذه المجموعة التي أعلنت تلك المحاضرة بالعنوان الذي ورد في السؤال، قد عرفت بغُلوّها في الشيخ ربيع المدخلي حفظه الله تعالى غلواً لا يرضى به الشيخ ربيع نفسه، وقد أُثر عنه كلام جيد مسجل بصوته يدل صراحة على أنه لا يرضى بالغلو فيه، بل وينهى عن المبالغة في إطرائه، وهذا حال أهل السنة منذ عهد رسول الله ﷺ إلى يومنا هذا، بينما هذه المجموعة ما زالوا يتملقون بكلمات وجمل وعبارات فيها من الغلو ما فيها، ويلقبون الشيخ ربيعاً بألقاب تتقزز منها النفوس السليمة بسبب كثرة تكرارها، فلو قيلت مرة أو مرات لكانت مقبولة، لكن تكرارها والمبالغة في تكرارها، وتخصيص الشيخ ربيع فيها دون غيره ممن هم أكبر وأعلم منه كالشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى وغيره يشعر السامع بوضوح ما عند هذه المجموعة من الغلو والمبالغة، لا سيما ذلك الأخ المصري الذي بينهم، فماذا تركوا للحزبيين؟!!

ومن الألقاب التي يكررونها:

🔹«ربيع السنة».

🔹«الإمام الهمام».

🔹«حامل لواء الجرح والتعديل».

🔹«العلامة الوالد».

🔹«الربيع»، مع أن الشيخ اسمه «ربيع»، وليس «الربيع»، ولكن للتفخيم والتعظيم يقولون: «الربيع».

وغير ذلك من الألقاب والأحكام التي فيها من الغلو ما لا يمكن إخفاؤه، مما جعل بعض السفهاء يقول: الشيخ ربيع «معصوم» في الجرح والتعديل، ولا يجوز لأحد أن يخالفه، فمن جرحه الشيخ ربيع فهو المجروح ووجب جرحه، ومن بدعه وجب تبديعه، ومن أسقطه فقد وجب إسقاطه، فالقول قوله والحكم حكمه، وإن زعموا «نظرياً» أنه ليس بمعصوم!!

وعند هذه المجموعة أن من لم يبدع من بدعه الشيخ ربيع فهو مبتدع ويلحق به، أو على الأقل هو مذبذب، وقالوا من لم يبدع من بدعه الشيخ ربيع فقد اتهم الشيخ بأنه يجرح من غير بينة أو يجرح لهوى، وعندهم أيضاً من جرحه الشيخ ربيع فلا يمكن أن يلتئم جرحه ولو عدله مائة عالم!! فجرح الشيخ ربيع جرح مفصل ويقطع كل رأس، وليس لأحد أن يخالفه أو يتوقف عن متابعته، بل وليس لأحد أن يعمل عقله، ولسان حالهم يقول : (ما افلح مريد قال للشيخ : لماذا؟) وغير ذلك من السفاهات التي لم يُعرف لها سابقة.

والغريب في هذه المجموعة أنهم كانوا يقرنون الشيخ عبيداً الجابري مع الشيخ ربيع في كل مناسبة، بل من غير مناسبة، ويلقبونه كذلك بألقاب كبيرة، ويجرحون من جرحه، ويسقطون من أسقطه، ويبدعون من بدعه، ويلجؤون له لجرح من يشتهون جرحه، ويفرحون بتزكيته لهم أو لبعضهم، فلما تكلم في أحدهم، وحذر منه، ووصفه ببعض الأوصاف التي تنفر منه، تجاهلوه تماماً، فلم يعد للشيخ عبيد الجابري عندهم له ذكرٌ ولا حتى بشطر كلمة!!!

حقاً كما قيل: «الهوى ما له دوا»!

ثم إن هذه المجموعة إذا أطلقوا لقب «أهل السنة» فإنما يريدون بذلك أنفسهم، ومن كان على شاكلتهم، ويدور في فلكهم فحسب، وكل من ليس منهم فليس معنياً بدعوة الائتلاف والتعاون، ولو كان بالأمس القريب معهم ومنهم وفيهم، حقاً هؤلاء قد أصيبوا بداءِ العجب، وقد لا يخلو بعضهم من الكبر، لا سيما أن بعضهم إذا تكلم تجده يتكلف باستعمال المفردات، ويخفض ويرفع من صوته، ويظهر حماسته للسنة والدفاع عنها، ويشدد على النون المشددة في كلمة «السنّة»، يظن أنه كلما زاد بتشديد النون، وأعطاها حقها من الغنّة، دلّ ذلك على أنه أقوى في السنة من غيره، ومما يؤكد ذلك تلقيبهم لأنفسهم بـ«الخلّص» و «الأقحاح»، مع أن الله تعالى يقول: « أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُم ۚ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا » [سورة النساء: ٤٩]، ويقول جل وعلا: ﴿ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ ﴾ [سورة النجم: ٣٢].

أسأل الله تعالى لي ولهم الهداية والعافية من كل داء وبلاء. وللحديث بقية إن شاء الله تعالى.

والحمد لله أولاً وآخراً، وظاهراً وباطناً، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المقالات