موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

لا أعلم صحة هذا الكلام، ولا مصدره، ولا سنده، لكن لا أستبعد وقوعه!!

23 صفر 1437 |

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

فلقد وصلتني رسالة مأساوية، يذكر فيها كاتبها واقعة مؤلمة، وحالة مزرية بلغت ببعض الناس.

أخي القارئ الكريم، أنقل لك الرسالة كما وصلتني من ليبيا، ثم أعلق عليها.

( نص الرسالة)

«الأخ فخري معيوف الفاخري من سكان مدينة إجدابيا، شاب سلفي، عمره يقارب من الأربعين سنة، متزوج وله أبناء، من عائلة فقيرة، ليس له بيت يوي إليه أطفاله الأيتام الذين رحل وتركهم في سكن بالإيجار، لا يحمل أي فكر متطرف، ولم يؤيد أي جبهة قتالية لا بفعل ولا بقول، وله اهتمام كبير بالأدب وبالشعر العامي، بل هو شاعر، وله عدة مشاركات شعرية، خرج قبل أسبوع من بيته متجهاً إلي قرية سلوق في زيارة عائلية، وفي أثناء عودته تم البلاغ عليه والوشاية به من قبل الإخوة السلفيين المشهورين بلقب (المداخلة)، والشيخ المدخلي بري منهم، وقبض عليه في بوابة القابسي (الجليدية) من قبل هذا التيار المتطرف والموالي لعملية الكرامة، وبعد يومين من القبض عليه وجد مرمياً على قارعة الطريق في منطقة الأبيار شرق بنغازي، وعليه أثار التعذيب، ومضروب برصاصتين في رأسه، وأقول لكم: أقسم بالله العظيم، أقسم بالله العظيم، أقسم بالله العظيم، إن سبب قتله هي نسبته إلي الجماعة (الحلبية)!!! زعموا! وقضية هذا الأخ عند هؤلاء الخوارج الجدد هي عدم قناعته بتبديع الشيخ علي الحلبي، ولا تستغربوا إخوتي، هؤلاء يرون كل المخالفين لهم هم مخالفون لمنهج أهل السنة والجماعة ومبتدعة وخوارج وضلال، بل زاد بعضهم غلواً في هذه الفترة حيث أصبحوا يرون دماء المخالفين لهم أحل عليهم من دماء اليهود والنصارى، ولهذا هم الآن متحالفون مع التيار العلماني ومع رجال النظام السابق، ليس من أجل محاربة تنظيم الدولة فقط، بل من أجل تصفية كل المخالفين لهم، ومستندين على حديث«طوبى لمن قتلهم أو قتلوه»، وبهذا زادوا في أشعال نار الفتنة في الشرق الليبي، وقريباً سيجرون نار الفتنة إلي طرابلس وما حولها - هداهم الله -، وهذا جزء بسيط مما تقوم به الكتيبة المسماة بكتيبة التوحيد السلفية في بنغازي!! ويشهد الله أنني كتبت هذا الموضوع وأنا كلي حرقة وغيرة على هذه الدماء المعصومة التي تسفك، وعلى هذه النساء الشابات اللواتي أصبحن أرامل، وعلى هؤلاء الأطفال الذين يتموا، وعلى وعلى وعلى.... من أجل هذا وغيره أتمنى أن ينشر هذا الموضوع، لعله يصل إلي الشيخ ربيع المدخلي والشيخ عبيد الجابري وغيرهم.

وأقول لهؤلاء المشائخ الفضلاء: نحن أبنائكم، مسلمون، وموحدون، ومن أهل السنة والجماعة، ونشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وليست لنا علاقة بداعش، ولا بعقائد الخوارج، ولا نخالف الشيخ ربيع إلا في بعض القضايا الفرعية (قضايا الجرح والتعديل)، ومع هذا نقول: ربما يكون الحق مع الشيخ، وربما يكون الحق مع غيره من أهل السنة في هذه القضايا الإجتهادية، مشايخنا الكرام دماؤنا أمانة في أعناقكم، وسنحاجكم بلا إله إلا الله قريباً بين يدي جبار السموات والأرض، لأنكم سكتم عن قول كلمة الحق في تلاميذتكم من أمثال: أسامة العتيبي ومحمد بن ربيع وأحمد بازمول وطلعت زهران المصري، هؤلاء هم من أستباحوا دماء المسلمين بناءً على مكالمات هاتفية مع أناس مجهولين، والله المستعان! ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!» انتهت الرسالة.

أقول: هذه الرسالة لا أعلم مصدرها، ولا أعرف كاتبها، بل وصلتني بلا اسم، لكن لا أستبعد صحة ما ذكر فيها، فالشواهد كثيرة، وإليك بيان ذلك.

إذا قال أحد المشايخ: «إذا فلان ليس مبتدعا فليس على الأرض مبتدع» فقد يفهم بعض الناس من السفهاء والصغار - وفي كل قوم سفهاء - أن فلاناً عدو للسنة وأهلها، وهو أكبر مبتدع عُرف في تاريخ الإسلام، بل هو الأخطر على الإطلاق، أخطر من اليهود والنصارى، والليبراليين والعلمانيين والشيوعيين والبعثيين والملحدين، والجهمية والمعتزلة، بل أخطر من الرافضة، ومن المسيح الدجال، ويعللون ذلك بقولهم : أولئك عداوتهم ظاهرة وفسادهم معلوم لا يخفى على أحد، بينما هذا المبتدع الذي يتستر بالسنة تارة وبالسلفية تارة أخرى قد يغتر به الناس، فهو من أفسد خلق الله للمنهج السلفي، وأشدهم عليه خطراً بقواعده وتأصيلاته، ومثله باطن الأرض أولى به من ظاهرها.

فتجدهم يحاربونه حرباً شديدة، ويتابعونه متابعة دقيقة، ربما قرأوا له كل ما يكتب، وسمعوا له كل ما يتكلم، وربما استخرجوا له أخطأ بالمناقيش، وحمّلوا كلامه ما لا يتحمل، وأوّلوه بتأويلات لا يدل عليها كلامه إلا بتعسف، وعليه تجدهم يحذرون منه في كل جولة يتحرك بها، وفي كل زيارة يزورها، وفي كل بلد ينزل فيه، ولربما استعانوا بكل مبطل ومجرم من أجل القضاء عليه وعلى دعوته، وإذا لزم الأمر لا مانع لديهم من التبليغ عنه عند أي جهة من الجهات، ولو عند الكفار من أجل التخلص منه ومن دعوته.

لا سيما إذا قرأ بعض السفهاء تلك الآثار المروية عن بعض السلف، وفهموها بأهوائهم كما يشتهون وأنزلوها على من يرغبون، كقول بعضهم: «المبتدعة شر من اليهود والنصارى» ونحوه، ثم - للأسف - الموجهون لهم عن بُعْدٍ يرسلون لهم الأوامر، ويقعّدون لهم القواعد، فيقولون لهم: «من لم يبدع المبتدع فهو مبتدع، ويلحق به، ولا كرامة».

أقول: لما رأيت هذا الواقع الأليم، وهذه الحالة المزرية، قلت بأني لا أستبعد حقيقة الحادثة التي ذكرت في الرسالة، لا سيما مع الجهل والهوى والانفلات الأمني في ليبيا، فممكن جداً أن يقوم بعض الناس بالتبليغ عن الرجل المذكور، والوشاية به ليقتل فتطهر الأرض منه ومن أشكاله كما يظنون!!

بعض هؤلاء الإخوة - هداهم الله - لما رأى الرئيس السوري بشاراً الأسد في التلفاز يصلي صلاة العيد في المسجد، وقد وضع يمينه على شماله في الصلاة، أحسن به الظن، فقال: «إنه مسلم سني، يصلي العيد»، فأخرجه من النصيرية العلوية الباطنية والبعثية الملحدة وحكم له الإسلام، بل وبالسنية، ولم يقل عنه «مبتدع» أو «ظالم» أو «فاسق»، بل قال إنه سني ، وبالغ بعضهم - ظلماً وزراً - فقال: «يحق لبشار الأسد أن يقتل الخارجين عليه»!!

وفي المقابل تجدهم يبدّعون كثيراً من إخوانهم من أهل السنة ممن قضى أكثر عمره في السنة دراسة وتدريساً، دعوةً ودفاعاً وذباً، ﴿ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ﴾ [ص: 5].

أليس هؤلاء فيهم شبه بالخوارج والدواعش الذين يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان؟! الله المستعان!

أخي القارئ الكريم، لقد تتبعت بعضهم، فوقفت على بعض الأسباب التي جعلت عداوتهم شديدة لأهل السنة السلفيين خاصة، بل ربما أكثر عشرات المرات من عداوتهم لغيرهم، فلخصتها في النقاط التالية :

١- الجهل، بل وأحياناً الجهل المركب، لا سيما في بلاد الغرب، فتجد بعضهم صغيراً أو سفيهاً ومع ذلك يُصدَّر في المجالس، أو من وراء الأجهزة الإكترونية يبدع هذا، ويضلل هذا، ويسفه هذا، بل ونسبة كبيرة منهم من النساء!!

٢- اتباع الهوى، وكما قيل: الهوى ما له دوا، إلا أن يشاء الله تعالى فيشفيه ويعافيه منه.

٣- أمراض القلوب التي تنوعت وفشت وانتشرت وتسللت إلى القلوب وتغلغلت، ومن أشهر هذه الأمراض وأكثرها فتكاً في القلوب: الحسد، والعُجْب، والغرور، وحب الظهور، والرغبة في العلو في الأرض، والحرص على التزكيات، والمتعة بالمدح والثناء والإطراء، والتصدر، وغيرها من الأمراض، عافانا الله وإياهم منها.

وتعظم البلية إذا كانت هذه الأمراض قد تشبعها القلب، والمصاب بها نفسه لا يعلم عنها، وهذا الأمر صعب جداً على كثير منهم تصديقه، ولكن الله تعالى قال في كتابه: ﴿ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ﴾، وقال: ﴿ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾، وقال: ﴿ وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾.

٤- فقدانهم للقدوة الحسنة، فأكثرهم لم يترب تربية حسنة، ولم يتخرج على يدي عالم أو شيخ معتبر، فقد تجد بعضهم ينتقل من المعاصي والفجور إلى الجرح والتعديل، لا يحسن صلاته ولا وضوءه، ويخوض في عقائد الناس ومناهجهم وأعراضهم، وهذا كثير جداً لا سيما في بلاد الغرب.

٥- تلاعب الشيطان بهم، ذلك العدو المبين، فقد زين لهم أعمالهم فصدهم عن السبيل صداً، فحرش بينهم، وغرر بهم، فعظم لهم جانباً وهون آخر، فضلوا وأضلوا.

٦- ضعف في الدين ونقص في الأخلاق عند كثير منهم، فقد تجد بعضهم غير محافظ على الصلاة، وكثيراً ما تفوته أو يتأخر عنها، كثير السب والشتم والغيبة والبهتان، ويمشي بالنميمة، قليل التقوى، كثير الشكوى، لا يقرأ القرآن إلا أحياناً ولا يحفظ منه إلا قليلاً، وليس عليه سمات المستقيمين.

٧- الرغبة الشديدة عند بعضهم للانتقام والانتصار للنفس.

٨- عدم التفريق عند كثير منهم بين الأصول المتفق عليها وبين المسائل الاجتهادية التقديرية.

٩- عدم اعتبارهم لقول أي عالم من العلماء يختلفون معه، مهما عظم قدره وارتفع مقامه.

١٠- رغبتهم بالقيادة المركزية للسلفية بالعالم، فجعلوا أنفسهم هم الأصل، وكل سلفي يجب عليه أن يرجع إليهم.

أسأل الله تعالى أن يهديني وإياهم إلى صراطه المستقيم، ويجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن ينبهنا من غفلتنا وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

والحمد لله أولاً وآخراً، وظاهراً وباطناً، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المقالات