موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

وأيضاً رسالة لم يحملها البريد إلى فضيلة الشيخ عبيد بن عبد الله الجابري حفظه الله تعالى (٣-٣)

1 صفر 1436 |

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

فهذه الرسالة الثالثة، أكتبها إلى فضيلة الشيخ عبيد بن عبد الله الجابري حفظه الله تعالى وأحسن الله له النية وأصلح له الذرية، أسأل الله تعالى أن ينفع بها الكاتب والقارئ، قلت فيها:

بسم الله الرحمن الرحيم

من سالم بن سعد الطويل إلى فضيلة الشيخ عبيد بن عبد الله الجابري وفقك الله لكل خير، أما بعد:

فلقد حاول بعض الإخوة في الكويت تنفير الناس من دعوتنا ودروسنا وحصر السلفية فيهم دون غيرهم، وقد زكوا أنفسهم بتزكية ليس لها سابق فيما أعلم، لقبوا أنفسهم بالسلفيين الخلص والسلفيين الأقحاح!!

والله تعالى في كتابه يقول: ﴿ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ﴾ [النجم: ٣٢]، ويقول سبحانه: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُم بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ ﴾ [النساء: ٤٩]، نسأل الله السلامة.

وهذه مجموعة صغيرة عامتهم حدثاء أسنان، سفهاء أحلام، يتزعمهم رجل تاجر ليس له عناية بطلب العلم ولا يحسنه، فيستعين بغيره، فتارة يستعين بالأخ أحمد بازمول، وتارة يستعين بالشيخ محمد بن هادي المدخلي، وأخيراً استعان بفضيلتك، وللأسف استطاع أن يفسد كثيراً بيننا وبين المشايخ بالنميمة التي اشتهر بها، حتى أصبحت خصلة فيه لا يدعها إلا أن يشاء الله تعالى، ذكّرتُه بالله كثيراً وناصحته، وسقتُ له أدلةَ تحريم النميمة من الكتاب والسنة، لكنه ما زال مصراً على هذه الكبيرة والعياذ بالله، أسأل الله تعالى أن يمن عليه بالتوبة النصوح قبل الممات.

والواجب الشرعي الذي أوجبه الله تعالى علينا أن نتثبت من أخبار النمامين حتى تستقيم أحكامنا، أليس كذلك يا فضيلة الشيخ؟

لقد زعم هذا النمام الكبير أن لي علاقة بجمعية إحياء التراث، وعليه تكلم في حقي وعليه تكلمتَ في حقي يا شيخ عبيد - غفر الله لك ولوالديك -، وألحقَني بهم بناء على كلمات كتبتها في مقال ذكرت فيها بعض مشايخ جمعية التراث بخير، وفي الحقيقة أن مجرد الثناء على مسلم من المسلمين لا يستوجب ذلك إخراج أحد من السلفية أو من السنة، فهذا المسلك فيه إسراف وإجحاف، قد يحرج صاحبه، ووالله ما كنت أريد إحراجك يا فضيلة الشيخ، لكن الإخوة المتعصبين الذين يلقبون أنفسهم بالأقحاح هم الذين وضعوك في هذا الموضع الحرج، فلقد توجهتُ لهم ببعض الأسئلة فعجزوا عن الإجابة عنها، ولذا أنا مضطر إلى أن أتوجه بالأسئلة إلى فضيلتك - وفقك الله تعالى -، ولعلي أتدارس معك إجابتك إن تكرمت وأرسلتَها لي أو أذعتَها لتعم بها الفائدة.

السؤال الأول: لقد زار الكويت الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ وزير الأوقاف في المملكة العربية السعودية - حفظه الله تعالى -، وزار بالتحديد جمعية إحياء التراث، وكان برفقته الشيخ عبد الله بن منيع - حفظه الله تعالى -، وكان للشيخ صالح كلمة في حق جمعية إحياء التراث هذا نصها:

«بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً مزيداً، أما بعد:

فإني مسرورٌ غاية السرور بوجودي بين إخواني وأحبابي في هذه الجمعية المباركة، التي نرى دائماً أنها القلب النابض للأعمال الخيرية السلفية في العالم، وأرجو من الله جل وعلا أن يجعل مستقبلها خيراً من ماضيها، وأن يمن علينا جميعاً بالإخلاص والصدق في القول والعمل، وأن يثيب القائمين عليها الثواب الحسن، وأن يجزيهم خيراً على ما عملوا» انتهت كلمته.

والسؤال الأول: فضيلة الشيخ عبيد وفقك الله لكل خير، هل تبدع الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ وتلحقه بجمعية التراث؟ هل الشيخ صالح واقع في البدعة؟

ننتظر من فضيلتك الجواب، وأذكر فضيلتك بكلامك السابق والذي هذا نصه: «والقاعدة عند أهل العلم أنَّ من والى أهل البدع، ولم يحتسب عليهم، ولم يُعن من قام عليهم، فهو منهم وإن كان في الظاهر صاحب صلاح ويعمل من السُّنة ما يعمل، هذا لا يُبرِّيه من الوقوع في البدعة، وجماعة إحياء التراث قد تكلمنا عليها في مواطن كثيرة في الكويت وهنا، تكلمنا عليها بما أرى أنه يكفي، فليراجعه من شاء، هي ضمن فِرَق الإخوان المسلمين» انتهى كلام فضيلتك.

فماذا ستقول يا فضيلة الشيخ عبيد؟ هل الشيخ صالح آل الشيخ لا يعلم أو لا يفقه الواقع أو يحسن الظن أو ذهب لينكر عليهم؟ مع العلم أنني لا أوافق الشيخ صالح آل الشيخ في ما وصف به جمعية إحياء التراث.

السؤال الثاني: سمعت لفضيلتك كلاماً مسجلاً هذا نصه:

«السائل: عندي سؤال يا فضيلة الشيخ. الشيخ عبيد: تفضل. السائل: تأذن لي بالتسجيل؟ الشيخ عبيد: تفضل عجل بالسؤال بارك الله فيك. السائل: عندي سؤال عن حال بعض المشايخ: الشيخ عبد الرزاق البدر؟ الشيخ عبيد: هذا صاحب سنة ولله الحمد، معروف، وما بلغنا عنه قواعد فاسدة ولا أصول فاسدة» انتهى كلام فضيلتك.

وسؤالي لك يا فضيلة الشيخ عبيد: بما أن الشيخ عبدالرزاق البدر له زيارات مستمرة لجمعية إحياء التراث ومشاركات مشهورة فلماذا حكم فضيلتك السابق لا ينطبق على الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد البدر؟ هل الشيخ عبد الرزاق واقع في البدعة، أو له خصوصية لا يشاركه فيها غيره؟

مع أن الشيخ عبد الرزاق رجل - أحسبه والله حسيبه - مباركاً، ولا أزكي على الله أحداً من خلقه، وقد نفع الله به في زياراته للكويت والإمارات والبحرين نفعاً كبيراً، جزاه الله خير الجزاء.

ننتظر إجابتك يا فضيلة الشيخ عبيد حفظك الله تعالى.

السؤال الثالث: لعلك يا شيخ عبيد تعرف الشيخ د.محمد بن عمر بازمول، وهذا الشيخ الذي أحسبه على خير ومذكور بالخير زار الكويت أكثر من مرة، وشارك مشايخ إحياء التراث في أكثر من مناسبة، بل وله علاقة ببعض الإخوان المسلمين في الكويت قليلة أو كثيرة، وقد استعان بعض الإخوة بشقيقه د.أحمد بن عمر بازمول والذي قرر ما يقرره فضيلتك بأن إحياء التراث مبتدعة، والسؤال: ما حكم ذهاب د.محمد بازمول لجمعية التراث ومشاركته لهم في بعض أنشطتهم وعدم تبديعه لهم؟، مع العلم أن ذلك ثابت بالصوت والصورة، ننتظر جواب فضيلتك يا شيخ عبيد حفظك الله تعالى، لأن الإخوة الذين يلقبون أنفسهم بالسلفيين الخلص وفي رواية الأقحاح قد عجزوا عن الإجابة عن هذا السؤال، فلعلهم يجدون عند فضيلتك الجواب، وفقكم الله للقول الصواب.

السؤال الرابع: الأخ محمد بن عثمان العنجري وبصحبته الأخ أحمد بن حسين السبيعي عرض على الشيخين د.فلاح بن إسماعيل مندكار و د.حمد بن إبراهيم العثمان وأنا ثالثهما أن ندخل في جمعية إحياء التراث وننافسهم عن طريق الانتخابات لنستحوذ على مجلس إدارتها، ونتحكم بأموال الصدقات ونوجهها كما زعم لنصرة السلفية، وأراد أن يستعين بابن عمه الأخ مشاري بن جاسم العنجري وكان عضواً في البرلمان آنذاك!!

فرفضنا هذا العرض رفضاً تاماً، وكنت بحمد الله تعالى أشدهم رفضاً لهذه الفكرة المنكرة!!

فنحن طلبة علم يهمنا أن ندعو إلى الله ونتعلم ونعلم، لا نحرص على المناصب ولا التبرعات ولا نخوض الانتخابات، ونسأل الثبات حتى الممات.

وسؤالي يا فضيلة الشيخ عبيد: بما أن الأخ محمد بن عثمان العنجري لم يعلن توبته من هذا الطلب الذي لم يتمكن منه، ولم يُبْدِ ندماً، ولم يبين خطأه، فهل ينطبق عليه حكم فضيلتك الذي ذكرته في كلامك السابق؟

السؤال الخامس: فضيلة الشيخ عبيد وفقك الله تعالى لكل خير، لو استفتى بعضُ طلبة العلم شيخك العلامة المحدث الشيخ عبد المحسن العباد البدر في حكم الانتماء لجمعية إحياء التراث فأجاز له ذلك، واعتمد على فتوى الشيخ عبد المحسن العباد، فهل تبدعه؟

هذه خمسة أسئلة أنتظر جواب فضيلتك عليها، فقد عجز عن الجواب عنها الذين يلقبون أنفسهم بالسلفيين الخلص أو الأقحاح، والذين استأثروا بالسلفية لأنفسهم دون سائر المسلمين فحجروا واسعاً!!

فضيلة الشيخ عبيد وفقك الله ورفع قدرك، سأذكر لك بعض الأمور المهمة وأرجو أن يتسع صدرك لسماعها:

الأمر الأول: أتمنى يا فضيلة الشيخ أن تقتفي أثر العلماء الأئمة الأعلام في الاكتفاء بالنصيحة والتوجيه دون المقاطعة والتحذير والإسقاط والتنفير!

إن من أكثر الناس نصيحة للأمة ممن عاصرناهم سماحة الشيخ الوالد العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى، فقد كان ينصح الولاة والعلماء والدعاة وطلبة العلم دون أن يفعل ما تقوم به فضيلتك من الدعوة إلى التبديع والتضليل والأمر بالهجر، والتسلسل بالمقاطعة، ونماذج نصائحه كثيرة جداً أشهر من أن تذكر، فالدين النصيحة، والناصحون ليس لهم ولاية على المنصوحين بحيث يلزمونهم إلزاماً بالأخذ بما ينصحونهم به، وإلا ما الفرق بين النصيحة وحكم القاضي أو الوالي؟!

الأمر الثاني: فضيلة الشيخ تأمل وتدبر حال الشيخ العلامة صالح بن فوزان آل الفوزان، فهو أكبر من فضيلتك وأعلم وأوجه، ومع ذلك لا نراه ولا نسمع عنه بأنه يتدخل في أحداث ليبيا، ولا فتنة اليمن، ولا يبدع أحداً في الكويت، ولا يأمر بمقاطعة امرأة في الإمارات، ولا يعين أحداً على أحدٍ في أوروبا.

الأمر الثالث: فضيلة الشيخ عبيد حفظك تعالى، بلغني سؤال من بعض الإخوة في أوروبا، أحيله عليك، لعلك تفيدنا بجوابك، نفعنا الله بعلمك، يقول السائل: بعض الناس يخوّفون إخوانهم بالمشايخ ويتوعدونهم بهم!!

يقولون : سننقل لهم أقوالكم، وأفعالكم، وأين ذهبتم، ولمن حضرتم، ومن استقبلتم، ومن استضفتم، حتى يصدروا فيكم كلمة أو تحذيراً أو حتى يسقطوكم، وننتظر كلام العلماء فيكم؛ والسؤال : هل الخوف من المشايخ من الشرك بالله تعالى؟

الله المستعان. هل هذه السلفية التي بعث الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم؟!

ننتظر تعليقك يا فضيلة الشيخ عبيد.

الأمر الرابع: فضيلة الشيخ عبيد وفقك الله تعالى لكل خير، احذر النمامين، احذر هذا الصنف من الناس، ولو تظاهروا بالصلاح، ولو زعموا أنهم السلفيون الخلص أو الأقحاح، احذرهم ولو أظهروا لك أنهم يريدون مصلحتك ومصلحة الدعوة، احذرهم ولو كانوا من أقرب الناس إليك، قال تعالى محذرًا نبيه صلى الله عليه وسلم من أصحاب هذه الأخلاق السيئة: ﴿ وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ ❊ هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ ❊ مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ ﴾ [القلم: ١٠- ١٢]. قال ابن كثير في قوله تعالى: «﴿ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ ﴾ يعني: الذي يمشي بين الناس، ويحرش بينهم وينقل الحديث لفساد ذات البين وهي الحالقة» انتهى كلامه.

الأمر الخامس: بلغني أن شخصاً باكستانياً يحمل جنسية بريطانية في مدينة برمنغهام يدعى عبد الواحد ويكنى بأبي خديجة، يزعم أنه حصل على فتوى أو تكليف من حضرتك بأن مسائل الزواج والطلاق والخلع والفسخ هو من يتولاها!!

فإن كان كاذباً فبادر يا شيخ عبيد من التحقق منه، واسأل عن تصرفاته الظالمة التي يمارسها ضد كل من لا يخضع له، فكم فرق بين الأزواج وشتت من أسرة، وإن حقاً أنه حصل على تفويض من فضيلتك فلا أدري والله بأي صفة يحق لفضيلتك تفويضه؟! وأرجو أن لا تكون قد فوضت هذا الشخص الذي لا يعرف له دراسة ولا تعليم؛ والله المستعان.

الأمر السادس: لقد لفت نظري قول فضيلتك في حقي: «قائل هذه العبارة أنا أعرفه من نحو 21 سنة، وهو في الكويت، وقد كان معنا ثم طرأ له ما يحرفه».

فأقول يا فضيلة الشيخ : كنتُ أين؟ ومتى؟ وكيف؟ هل نحن في حزب، أو تنظيم؟ هل بيننا بيعة أو معاهدة؟ فقولك أثار تعجباً عندي وعند غيري، فلعلك تعيد النظر في كلام فضيلتك، وأرجو أن يكون سبق لسان غير مقصود!!

فضيلة الشيخ عبيد حفظك الله تعالى، أذكرك بقول الله تعالى: ﴿ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ۖ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأحقاف: 15]، فقد قال تعالى: ﴿ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ ﴾، وفضيلتك قاربت الثمانين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ، وَأَقَلُّهُمْ مَنْ يَجُوزُ ذَلِكَ»، اخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه (٣٥٥٠) وحسنه الألباني، وفضيلتك من القليل، كما قال الشيخ الألباني عن نفسه، فاترك لنفسك ذكراً جميلاً عند إخوانك وأبنائك من أهل السنة، ممن لقبتهم بألفاظ جارحة فهذا ضال، وذاك إخواني، والآخر ضايع، والذي بعده مغفل ووو إلخ، ولا يخفى على فضيلتك أن الرفق ما كان في شيء إلا زانه، والكلمة الطيبة صدقة، فانصح إخوانك وأبناءك وادع لهم بالتوفيق والسداد، فإنهم يحبونك ويعز عليهم أن تقاطعهم ويقاطعوك.

أسأل الله تعالى أن يهديني وإياك وكل أهل السنة، وأن يجمع كلمتنا، ويؤلف بين قلوبنا، ويصلح أحوالنا، وينصرنا على عدونا، والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المقالات