موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

رسالة لم يحملها البريد إلى الشيخ محمد بن هادي حفظه الله تعالى

30 ذو الحجة 1435 |

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

فلقد بلغني كما بلغ غيري عن زيارة الشيخ الدكتور صالح بن عبدالعزيز سندي إلى (دبي)، وقد استضافه بعض الإخوة ليدرسهم في بيت من بيوت الله دروساً في العقيدة، جزاه الله خيراً ووفقه الله لما فيه خير العباد والبلاد، ونفع به طلبة العلم، وجعله الله هادياً مهدياً.

والشيخ صالح سندي لا أعرفه، التقيت به مرة واحدة في حياتي على دعوة غداء عند شيخنا فلاح بن إسماعيل مندكار حفظه الله تعالى، وجرى بيني وبينه السلام من غير كلام، لكنه معروف لدى العلماء فهو أستاذ دكتور في الجامعة الإسلامية قسم العقيدة في المدينة النبوية، معروف لدى كثير من العلماء، وزكاه غير واحد، وله مؤلفات طيبة نافعة في العقيدة مشهورة ومنشورة، وله زيارات لبعض الدول ونشاط طيب جزاه الله خيراً وبارك الله فيه.

ولقد لفت نظري - كما لفت نظر غيري - أن الشيخ الدكتور محمد بن هادي المدخلي المدني المدرس في الجامعة الإسلامية يحذر منه ومن الحضور للدورة العلمية التي ستقام في (دبي)!!!

وقد نشر بعض الصبية أو الشباب هذا التحذير المجرد من البينات والبراهين، وفي الحقيقة ساءني الأمر جداً وأحزنني تصرف الشيخ ابن هادي عفا الله عنه؛ لأني لا أظن أنه يخفى عليه ولا على أحد غيره أن (دبي) عاصمة تجارية مفتوحة لجميع أهل الملل والنحل والأديان والمذاهب والمشارب والمناهج الشرعية الدينية واللادينية والتجارية والفنية والرياضية من جميع بقاع الأرض، حتى فتح فيها مطار دولي من أكبر مطارات العالم، وتستقبل الملايين من البشر، فلا أدري والله ما الذي حمل الشيخ محمد بن هادي على التحذير بالذات من شيخ العقيدة الدكتور صالح سندي؟!!

وإني بحمد الله تعالى عادة أراسل مَن ألاحظ عليه ملاحظة قبل أن أرد عليه ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، فقلت في نفسي لو أرسلت للشيخ ابن هادي رسالة لعله يقرأها ويرد عليّ، لا سيما أنه حالياً مريض وقبل فترة يسيرة أُجريت له عملية في القلب عافاه الله وشفاه، فلعل وعسى رسالتي تُأثر فيه ويمسك عن الكلام والتحذير من أهل السنة، لذا أرسلت له الرسالة التالية :

(من سالم بن سعد الطويل من الكويت إلى أخي الدكتور الشيخ محمد بن هادي :

السلام عليك ورحمة الله وبركاته. ﻻ بأس عليك طهور إن شاء الله .

فضيلة الشيخ بما أنك مريض فهذه فرصة لتعيد النظر بكلامك بأهل السنة، وتتقي الله في نفسك، فقد استطلت في كثيرٍ منهم وآخرهم كما نُشِر عنك تحذيرك من الشيخ صالح سندي، فإنك تَحرُم الناس من اﻻستفادة منه لأسباب غير معلومة).

فردّ عليّ فقال :

(وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد:

لو كنت تعلم ما أقول عذرتني......أو كنت تعلم ما تقول عذلتكا

لكن جهلت مقالتي فعذلتني.......وعلمت أنك جاهل فعذرتكا.

ولساني - ولله الحمد - لم أطلقه إلا بالكلام في أهل البدع والأهواء والضلال ومن دافع عنهم، أو اعتذر لهم، وإن زَعم أو زُعِمَ له أنه من أهل السنة. إذ السني حقاً لا يغضب لأهل البدع ولا يعتذر لهم فضلاً عن أن يدافع عنهم أو فضلاً عن أن يدافع عنهم أو يحث على الاستفادة منهم . هذا وأسأل الله أن يفقهك في دينه ويبصرك بالحق ويشرح صدرك له. والسلام عليك).

فرددت عليه بالرسالة التالية :

(أشكرك على تواضعك في ردك علي، وجزاك الله خيراً، وأشكرك أنك عذرتني لجهلي، وﻻ يخفى عليك ﻻ يعلم الغيب إﻻ الله، فإن كان الشيخ صالح سندي يدافع عن أهل البدع ويذب عنهم فتباً له، لكنك لم تبين لنا البينة لترفع جهلنا، فأخشى أن تكون عجلة منك كما سبق أن رميتني بقولك :إذا كان سالم الطويل أسداً من أسود السنة فعلى السنة السلام لماذا هل أنا رافضي أو خارجي؟)

انتهت المراسلة بيني وبينه

أقول : لقد انتظرت أياماً كافية ليرسل لي البرهان والدليل ويبين لي : مَن هم أهل البدع والأهواء والضلال؟ ومَن الذي دافع عنهم؟ ومَن اعتذر لهم؟ ومَن الذي ليس من أهل السنة ويَزْعُم أو يُزْعَم له أنه من أهل السنة؟ ومَن هذا الذي يغضب لأهل البدع ويعتذر لهم؟ ومَن الذي يدافع عن أهل البدع؟ ومَن هم أهل البدع الذين دافع عنهم أو حث على الاستفادة منهم؟

نحن لا نعلم الغيب، انتظرنا جوابك حتى نعذرك يا شيخ محمد، ومن حقنا نطالبك بالبرهان، ( قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) الآية.

وإذا كان الله جل وعلا لما خلق الجن والإنس وأمرهم بعبادته وحده لا شريك له ذكر مئات الأدلة والبراهين على وحدانيته، ولما أرسل رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم أيده بمئات الآيات الدالة على نبوته ورسالته، فكيف تريد أن يعتمد الناس كلامك بلا أدلة ولا براهين؟!

يا شيخ محمد الإماراتيون ليسوا كالأوروبيين الذين توجههم كيف تشاء ويقبلون منك كل كلمة بلا دليل ولا برهان، ويعتمدون جرحك على وجه القبول المطلق والاستسلام، الإماراتيون ليسوا كالصبية القليلين ممن يتلقون عنك التوجيهات الذين سرعان ما نشروا تحذيرك المرسل.

أين كنت لما كان الجفري يصول ويجول في الإمارات في طولها وعرضها؟!

هل حذرت من الكبيسي المعتزلي سباب الصحابة الذي استمر سنوات يقدم برامج على فضائيات خليجية في (دبي) وغيرها؟! لماذا لم نسمع لك كلمة عن السويدان الذي كان يتردد على الإمارات ويقيم الدورات ويبث ما شاء من أفكار منهجية إخوانية؟! لماذا تتسلط على أهل السنة السلفيين بالذات؟!

هل تعلم أنك تضعف أهل السنة بتدخلك بينهم؟! ولماذا أصلاً تتدخل في الإمارات بينما لم يتدخل من هو أكبر منك سناً وعلماً وقدراً ومنصباً كالشيخ العلامة المفتي عبدالعزيز آل الشيخ، وكالشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان، وكالشيخ العلامة عبدالمحسن العباد، وكالشيخ العلامة صالح الحيدان، وكالشيخ العلامة ربيع المدخلي، وغيرهم ممن لا يقل سن أحدهم عن الثمانين أو أقل منها بقليل؟!! بينما حضرتك وللأسف جندت صبية أو بعض الشباب الصغار للبلبلة والتشويش والتشكيك.

هل تعلم بفعلكم هذا أنكم قد أحرجتم الإخوة السلفيين أمام ولاة أمرهم، وأمام عامة الناس الذين ينتظرون المشايخ وطلبة العلم السلفيين ليستفيدوا منهم وليكونوا بديلاً لهم عن أهل البدع والأهواء؟!

أهل الإمارات متعطشون للعلم والسنة والعقيدة بعد أن عاث الإخوان في بلادهم فساداً عريضاً، وفرخ فيها الجفري ما فرخ، وزرع الكبيسي ما زرع، وأصل السويدان ما أصل، فبتصرفاتك وتصرفات صبيتك تظهرون الشماتة في السلفيين، بل بأفعالكم هذه يتقوى الإخوان والصوفية من جديد من حيث تشعرون أو لا تشعرون !!

والذي نفسي بيده ما سمعنا قط أن أئمة السلفية في هذا العصر فعلوا مثل ما تفعلون، فالشيخ العلامة المفتي عبدالعزيز بن باز، والشيخ المحدث محمد ناصر الدين الألباني، وشيخنا الفقيه محمد بن صالح العثيمين رحمهم الله تعالى كانوا ينكرون الأخطاء وينصحون المخطئين ويوجهونهم، لكن ما كانوا يطاردون أهل السنة من مكان إلى مكان ومن بلد إلى بلد، وعلمهم وسيرتهم ما زالت محفوظة والحمد لله، ارجع إليها واستفد منها.

يا شيخ محمد بن هادي هل تعلم أن هناك من سبقك إلى الإمارات وحبب كثيراً من الشباب بالمنهج السلفي وشرح لهم العقيدة السلفية وعرفهم بعلماء أهل السنة ومؤلفاتهم وكتبهم؟ فلماذا جئت الآن لتتصدى لهم وقد نفع الله بهم؟! لماذا لا تعترف بالفضل لمن سبقك كما اعترف ابن مالك لابن معطي؟! لماذا تشوه سمعتهم بلا بينة؟!

اتق الله يا شيخ محمد، إذا كان بينك وبين بعض المشايخ خلافات شخصية أو حتى ملاحظات شرعية فأكرمنا بسكوتك، وتتم تسويتها في بلدك، ودعْ أهل الإمارات في حالهم.

فطريقتك هذه تنفر الضيوف في المستقبل من قَبول أي دعوة ترسل لهم من الإمارات أو غيرها، وسيعود بدلاً من الجفري ألف جفري وبدلاً من الكبيسي ألف كبيسي وبدلاً من السويدان ألف سوديدان.

ولا تستبعد أن في محاربتك لأهل السنة تقوية للإخوان المسلمين، وهذا أمر قد يؤخذ عليك وعلى طلابك.

والإمارات حالياً فيها طلبة علم درسوا وتخرجوا من جامعات شرعية، وفيهم دكاترة متميزون والحمد لله، ولهم علاقاتهم الخاصة بالمشايخ والعلماء يستشيرونهم وعن رأيهم يصدرون.

والمسؤولون أيضاً في الإمارات أصبحوا واعين جداً، ويميزون المفسد من المصلح، وهم من أول من أعلن التحذير من الإخوان المسلمين .

وأكرر وأقول : لا تستبعد سيتم تفسير ملاحقتكم لأهل السنة أنت وصبيتك أو شبابك على أنها محاولة لتقوية الإخوان الذين ما فضحهم ولا كشفهم إلا أهل السنة. وهذه نقطة مهمة فتنبه لها.

أسأل الله تعالى أن يفقهني وإياك في دينه، ويبصرنا بالحق ويشرح صدورنا له، ويقينا شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، ويرزقنا الإخلاص في القول والعمل، والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المقالات