موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

تنبيه الأنام ببعض أحكام الصيام

2 رمضان 1432 |

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فهذه تنبيهات وفوائد ومسائل في الصيام ذكرى للذاكرين أرجو من رب العالمين ان ينفع بها اخواني المسلمين.

أولاً: معنى الصيام

الصيام لغة: الامساك، وشرعاً، التعبد لله تعالى بالامساك عن المفطرات من طلوع الفجر الى غروب الشمس مع النية.

ثانياً: حكمه وفضله

صيام رمضان ركن من أركان الاسلام وأحد مبانيه العظام، والدليل على ذلك حديث ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بني الاسلام على خمس، شهادة أن لا اله الا الله وأن محمداً عبده ورسوله، واقام الصلاة وايتاء الزكاة، وحج البيت وصوم رمضان» [رواه مسلم- حديث 21]. فرضه الله على عباده بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)} [البقرة]، وقال تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185].

وقد ثَبُتَ في فضل صيام رمضان أحاديث كثيرة من أشهرها حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من صام رمضان ايماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» [رواه البخاري (38) ومسلم (759)].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله: كل عمل ابن آدم له الا الصيام فانه لي وأنا أجزي به، والصيام جُنَّة، اذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فان سابه أحدٌ أو قاتله فليقل: اني امرؤ صائم، والذي نفس محمدٍ بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما اذا أفطر فرح بفطره، واذا لقي ربه فرح بصومه» [رواه البخاري (1904) ومسلم (1151)].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اذا دخل رمضان فُتحت أبواب الجنة وغُلقت أبواب جهنم وسُلسلت الشياطين» [رواه البخاري (3277) ومسلم (1079)].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اذا كان أول ليلة من شهر رمضان: صُفدت الشياطين ومردة الجن، وأُغلقت أبواب النار، فلم يُفتح منها باب، وفُتحت أبواب الجنة فلم يُغلق منها باب، وينادي منادٍ: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة» [رواه الترمذي رقم 682 وصححه الألباني].

ثالثاً: المفطرات المتفق عليها أو مفسدات الصيام

  1. الردة عن الاسلام.

  2. الأكل والشرب عمداً.

  3. ما كان بمعنى الأكل والشرب كالابر المغذية.

  4. الجماع.

  5. دم الحيض والنفاس.

  6. القيء عمداً.

رابعاً: مفطرات مختلف فيها بين الفقهاء

  1. انزال المني عمداً بأي طريقة كانت، والراجح في هذه المسألة أنه يفسد الصوم ومن تعمد ذلك فعليه اتمام صيامه احتياطاً والتوبة النصوح مع القضاء.

  2. الحجامة والتبرع بالدم: اختلف العلماء في كونهما يفطران أو لا، والأحوط تجنب الصائم للحجامة والتبرع بالدم وله ان يفعل ذلك بعد الافطار.

خامساً: ما لا يفطر

  1. التحاميل والحقن الشرجية.

  2. قطرة العين والمرهم والكحل.

  3. قطرة الأذن.

  4. القيء بغير تعمد، أي من غلبه القيء فلا يفطر.

  5. قلع الضرس وحشو السن مع تجنب ابتلاع أي شيء.

  6. تقبيل الزوجة.

  7. السواك، قبل وبعد الزوال أي في أول النهار أو آخره.

  8. البخور: مع التحرز من تعمد استنشاقه.

  9. استعمال العطوروالأطياب.

  10. بلع الريق والبلغم والنخامة الذي يشق التحرز من عدم بلعه.

  11. الأكل والشرب ناسياً.

  12. المنظار الذي يدخل الجوف ما لم يكن فيه مواد وأدوية.

  13. المذي في اليقظة وهو السائل الشفاف اللزج الذي يخرج عند مقدمة الجماع أو تذكر الشهوة.

  14. الاحتلام لمن نام في نهار يوم صيامه.

  15. استخدام الفرشاة ومعجون الأسنان.

  16. بخاخ ضيق التنفس.

  17. كمام الأكسجين.

  18. رعاف الأنف.

  19. نزيف اللثة والأسنان مع التحرز من بلعه.

  20. سحب الدم القليل للتحليل والتشخيص.

  21. الحقن غير المغذية كإبرة السكر والتطعيم والبنسلين ونحوها في العضد أو العضل أو الوريد.

  22. مرهم ازالة الجفاف عن الشفتين.

  23. وضع الحناء على الرأس أو في اليدين أو الرجلين.

  24. المكياج وأدوات التجميل لا يفطر لكن يحرم تبرج المرأة به أمام الرجال الأجانب.

  25. الاستحمام للتبرد أو غيره.

  26. تذوق الطعام من غير ابتلاعه.

  27. نزول دم الاستحاضة.

  28. نزول دم الحامل اذا لم يكن منتظماً انتظامه السابق قبل الحمل، أما اذا كانت حيضتها منتظمة على ما هي عليه قبل الحمل فانه يعتبر حيضاً ويفسد الصوم.

  29. الغرغرة لعلاج الفم مع التحرز من ابتلاع الدواء.

  30. الادهان بأنواع الدهون والزيوت ووضع اللزقة على الجلد.

سادساً: العاجز عن الصوم والمسافر

  • العاجز له ثلاثة أحوال:

    • ان يكون مريضاً مرضاً عارضاً يُرجى زواله فهذا له ان يفطر وعليه قضاء الأيام التي أفطرها بعد رمضان.

    • أن يكون مريضاً مرضاً مزمناً لا يُرجى زواله فهذا يفطر ويطعم عن كل يوم مسكيناً.

    • من زال عقله بجنون أو غيبوبة طويلة فلا صيام عليه ولا قضاء، أما اذا أغمى عليه غيبوبة قصيرة فالأحوط يقضي.

  • أما المسافر فله ان يفطر وله ان يصوم، والصيام أفضل لأن صوم رمضان خير من غيره وأيسر له ان يصوم مع الناس وأبرأ لذمته، لكن ليس من البر في السفر اذا كان الصيام يشق عليه.

سابعاً: مسائل متفرقة

  1. التدخين حرام ومفسد للصوم.

  2. يجب تبييت النية للصيام من الليل ويجزئ تبييت النية من أول ليلة من رمضان ما لم يقطع الصيام لعذر السفر أو المرض أول الحيض فيلزم استئناف تبييت النية.

  3. الامساك عن الطعام والشراب والجماع يكون مع الأذان الثاني ولا اعتبار للامساك المذكور بالتقاويم.

  4. السُّنَّة ان يفطر الصائم على الرطب فان لم يجد فعلى التمر فان لم يجد فعلى الماء.

  5. من أفطر لعذر كالمسافر أو الحائض فليفطر سراً حتى لا يتهم بأنه متساهل في صيامه.

  6. من رأى صائماً يأكل أو يشرب ناسياً فانه يجب عليه تذكيره.

  7. يحرم تقديم الطعام والشراب لغير المسلمين في نهار رمضان ويترك يأخذ بنفسه لكن لا يسمح له بالمجاهرة بالافطار.

  8. يجوز للمرأة ان تأخذ حبوب منع الحيض وصيامها صحيح وليس عليها قضاء الا اذا كان يضرها فلا يجوز ان تأخذها، والأفضل عدم أخذ حبوب منع الحيض لأنها غالباً ما تضر.

  9. الحامل والمرضع لهما ان تفطرا اذا شقَّ عليهما الصيام وعليهما القضاء فقط. وقال بعض العلماء: اذا كان الفطر لصالح الولد فعليهما القضاء والكفارة وهي اطعام عن كل يوم مسكيناً.

ثامناً: مسائل مهمة

  1. لا يصح الصيام مع ترك الصلاة، لأن تارك الصلاة كافر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل والشرك والكفر ترك الصلاة» [رواه مسلم (82) من حديث جابر بن عبدالله]. ولقوله عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» [رواه الترمذي في سننه (2621) وابن ماجه (101/9) من حديث عبدالله بن بريدة عن أبيه، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي]. وقد ذكر الله لنا في كتابه عن سبب دخول أهل النار في النار فقال: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) الَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43)} [المدثر].

  2. الواجب على المسلم ان يصوم رمضان ايماناً بأن الله تعالى شرع له الصيام وأوجبه عليه واحتساباً للأجر والثواب من الله تعالى لا سمعة ولا رياء ولا تقليداً ولا متابعة للناس.

  3. من تعمد وأفطر يوم متعمداً بلا سبب يبيح له الافطار فلن يقبل منه قضاء ولو صام بدلاً منه عشر سنين ولا تقبل منه كفارة ولو أنفق ما في الأرض جميعاً، وانما يجب عليه التوبة النصوح، ويشرع له الاكثار من صيام النوافل.

  4. من جامع زوجته في نهار رمضان وهو صائم فعليه كفارة مغلظة، وهي عتق رقبة، فان لم يجد صام شهرين متتابعين فان لم يستطع اطعم ستين مسكيناً، وعليه قضاء ذلك اليوم مع التوبة النصوح وزوجته ان كانت طاوعته على ذلك فعليها كفارة مثلها وان أجبرها على الجماع فتقضي ذلك اليوم فقط. وان كرر الجماع في عدد من أيام رمضان فعليه كفارة عن كل يوم جامع فيه زوجته. وان كرر الجماع في يوم واحد فعليه كفارة واحدة، الا اذا جامع في أول النهار مثلاً ثم أخرج كفارة في نصف النهار، كأن أطعم ستين مسكيناً ثم رجع الى زوجته وجامعها مرة أخرى قبل غروب الشمس فعليه حينئذ كفارة أخرى.

خاتمة

اعلم أخي المسلم ان رمضان موسم عظيم من مواسم الخير فيشرع فيه كثير من الأعمال الصالحة سوى الصيام، منها:

  1. قيام الليل.

  2. قراءة القرآن.

  3. أداء العمرة.

  4. الاعتكاف في العشر الأواخر منه.

  5. افطار الصائمين.

  6. صلة الأرحام.

  7. اصلاح ذات البين.

  8. قيام ليلة القدر.

  9. الصدقات.

  10. الدعاء والذكر.

هذا وأسأل الله تعالى ان ينفعني واخواني بما ذكرت به نفسي واياهم، وأسأله جل وعلا ان يعيننا على طاعته وأن يتقبل منا صالح الأعمال. والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً وصلى الله عليه وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

المقالات