موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

يقول إنه عالم و مفكر (٢)

29 جمادى الأولى 1432 |

الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين، والعاقبة للمتقين، وصلى الله وسلم وبارك على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

ففي مقالي هذا استكمل ما قد سبق في مقالي الأول في الرد على من لقب نفسه بعالم ومفكر!!

زعم الكاتب فقال:

«إن كثيراً من رواة الأحاديث الـ 6 منهم السني والشيعي والخارجي والقدري ورغم ذلك لم نجد غضاضة في مذهبنا أن نأخذ في الحديث الشريف عن أناس يخالفوننا في الاعتقاد المذهبي وليس الكلي» انتهى كلامه بحروفه.

أقول: هذا الكلام باطل من وجوه منها:

  • الكتب الستة: البخاري ومسلم والنسائي والترمذي وأبو داود وابن ماجه هي كتب أهل السنة فكونك تجد رواتها سنة أمرا بدهياً لا يحتاج إلى أن تشير إليه بقولك إن كثيراً من رواة الحديث منهم السني.

  • أما أن يكون كثير من الرواة شيعيا وخارجيا وقدريا فهذا إما كذب إذا تعمد ذكر ذلك أو خطأ بسبب الجهل برواة أحاديث الكتب الستة.

  • ما أشار إليه من كون رواة الكتب الستة فيهم الشيعي أوالخارجي أوالقدري يسميه العلماء «رواية المبتدع»، المبتدع إذا روى حديثاً لا يقبل منه إلا بشروط سيأتي بيانها.

  • لم يشترط أصحاب الكتب الستة ألا يخرجوا في كتبهم إلا ما صح من الحديث سوى البخاري ومسلم، فإذا وجد حديث المبتدع في الكتب الأربعة لا يعني ذلك قبول حديثه، بل ربما أوردوا الحديث في كتبهم مع بيان ضعفه كما صنع الترمذي في جامعه وعليه ليس بالضرورة أنهم إذا ذكروا حديثاً عن شيعي أو خارجي أو قدري يعني أنهم قبلوا روايته.

  • أهل السنة لا يروون عن المبتدع إلا عند الحاجة لروايته ويقولون لنا حديثه وعليه بدعته فإن وجدوا غيره استغنوا عن روايته.

  • اشترطوا في المبتدع:

    1. ألا يكون داعياً إلى بدعته.

    2. ألا تكون روايته تدعم بدعته وتؤيدها.

    3. ألا تكون بدعته شديدة كالبدع المكفرة.

أقول: إذا راعينا في الرواية عن المبتدع ما ذكرته يتبين لنا بطلان وتدليس الكاتب عندما قال:

«إن كثيراً من رواة الأحاديث الـ 6 منهم السني والشيعي والخارجي والقدري ...».

التشيع القديم يختلف عما آل إليه بعد ذلك

أعلم أخي القارئ الكريم أن التشيع القديم كان يسيراً فربما أطلق العلماء لقب شيعي على بعض الرواة لمجرد تفضيل علي رضي الله عنه على الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، أو حتى لو قدم علياً على عثمان بن عفان رضي الله عنهما، ويطلق على الرجل بأنه شيعي أو متشيع إذا كان عنده تعصب لآل البيت رضي الله عنهم. فليس الشيعي عندهم ما عُرف بعد ذلك بتكفيره لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وقذفه لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها والقول بدعاء الأموات والقول بتحريف القرآن و غير ذلك. وهذه ملاحظة مهمة جداً الكاتب إما أغفلها أو غفل عنها.

صدق أو لا تصدق هذا كلام من زعم أنه عالم ومفكر!!

جاء في مقدمة المقابلة التي أجريت مع الكاتب «العالم المفكر» وهي مثبتة في موقعه الرسمي ما نصه: «وعندما سئل عن مدى قبوله وحبه لشيعة الكويت أفاد [...]

أننا شئنا أم أبينا يجب أن نحبهم ويحبوننا فكلانا تجمعنا كلمة التوحيد وراية الإسلام وحتى غير ذلك فإن مصلحتنا المشتركة للمحافطة على بلدنا تحتم علينا ذلك، رافضاً مبدأ عدم القبول بالفتاوى التي تأتي من خارج الكويت سواء من أهل الإفتاء في السعودية أو المراجع الشيعية في إيران» انتهى.

أخي القارئ يا ليت ترجع إلى موقعه لتتأكد من قراءة هذه الأسطر بحروفها، وإذا دخلت موقعه أطلب الفتوى رقم (128) والتي نصها كالآتي:

السؤال: لقد قرأت في الآونة الأخيرة في أحد المنتديات الإسلامية موضوع يُناقش عن الصحابي سيدنا معاوية، والذين يتحاورون هم الطائفة السنية فالبعض يقول أنه ليس بسيد أو لا يجب الترضي عنه والآخر يقول بخلاف ذلك ويشدد أن من ينتقص منه فقد أتى بكبيرة.. فنريد من فضيلتكم البينة الواضحة حتى نزيل اللبس الواقع بينهم. وشكراً.

الجواب: معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهما- صحابي من كتاب الوحي، لا يجوز انتقاصه كرامة لرسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ، واحتراماً لمنزلة الصحابة، كما لا يجب على أحد حبه، لأنه ليس ممن أمرنا الله أو رسوله -صلى الله عليه وآله وسلم- بحبه كعلي -رضي الله عنه- الذي ذكر المصطفى -صلى الله عليه وآله وسلم-أنه: (لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق). أما ابنه يزيد، فمجرم من المجرمين، فقد قتل الحسين -عليه السلام- واستباح المدينة المنورة. 
والناس في معاوية وابنه بين إفراط وتفريط، والعدل ما ذكرناه، والله أعلم.

تدبر يا أخي وتدبري أختي يا من طالما خدعكم هذا الكاتب الملقب نفسه بالعالم والمفكر يقول الشيعة يجب علينا حبهم شئنا أم أبينا، لأن تجمعنا كلمة التوحيد وراية الإسلام ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما الصحابي ابن الصحابي أخو أم حبيبة أم المؤمنين رضي الله عنها وزوجة رسول رب العالمين صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يجب على أحد أن يحبه»!! لماذا يا مفكر؟! لا نجتمع معه في كلمة التوحيد وراية الإسلام؟ يا مفكر أين فكرك بل أين عقلك؟ ومن أي مذهب تنطلق ومن أي منطق تتكلم؟!

أنا لا أخاطبك في الدرجة الأولى فأنت متعصب ومعتد بنفسك وحسبك تلقيب نفسك بالعالم والمفكر، لكن المغترين بك وأسألهم بالله أن يقارنوا بين قول هذا المفكر ففي المقابلة يقول:

«إن الشيعة وعلماءهم والليبراليين وحتى النصارى إخواني في الوطنية والشيعة إخواني في الدين شئت ذلك أم أبيت فمن مصلحتي ومصلحة أبنائي وبلدي عليَّ أن أحب أخي الشيعي والسني والليبرالي والمسيحي والشيوعي وأن أدرب نفسي على حبهم وقبولهم جميعاً»، وفي الفتوى يقول عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه: «لا يجب على أحد حبه».

أخي القارئ ليس هذا فحسب بل على حد تعبير المقابل له قال: «رافضاً مبدأ عدم القبول بالفتاوى التي تأتي من خارج الكويت (سواء) من أهل الإفتاء في السعودية أو المراجع الشيعية في إيران». تأمل تدبر (سواء)!! مع أن الشيعة يرفضون إفتاء علماء السعودية بينما هو يرفض عدم قبول فتاوى المراجع الشيعية في إيران، إن هذا لشيء عجاب.

ما السر في تهوين الكاتب من حقيقة الخلاف؟

قال الكاتب الملقب نفسه بالعالم المفكر في مقابلته:

«فنحن شيعة وسنة نتفق في الصلاة والقبلة كم مرة نصلي باليوم؟ 5 صلوات. متى نفطر في رمضان؟ عند سقوط قرص الشمس. إذا كان هناك خلاف بين المذهب السني والشيعي أين ستصلون بهذا الاختلاف؟ الاختلاف موجود بين الصحابة في قضايا كثيرة تعبدية وغير تعبدية فهذه القضية موجودة» انتهى كلامه.

أخي القارئ انظر إلى مكر هذا الكاتب فهو يحاول أن يظهر أن الخلاف ليس جوهرياً بين السنة والشيعة حتى الصحابة اختلفوا فلم يتطرق إلى تكفير الصحابة وقذف أم المؤمنين رضي الله عنهم أجمعين، ولم يتطرق لمسألة دعاء غير الله وحكم من قال بتحريف القرآن وغير ذلك بل اقتصر على كون الصلوات خمس والإفطار عن سقوط قرص الشمس!! والحق أن لا تلازم بين إمكانية عدم الإثارة في المجتمع وعدم التناحر وبين الحب والبغض في الله تعالى. ولذلك كثير من المسلمين يعيشون في بلاد الكفار بلا قتال لكن كما قال تعالى: { لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6) } [الكافرون].

أما هذا الكاتب فكلامه دائماً في غاية الشذوذ والتناقض فتارة يقول: إذا أردنا التقارب بين السنة والشيعة فعلى أهل السنة ألا يسبوا آل البيت وعلى الشيعة ألا يسبوا الصحابة. سبحان الله ومنذ متى أهل السنة يسبون آل البيت؟! سبحانك هذا بهتان عظيم، وتارة يستنكر على من يقول: كل عواصم الدول الكافرة الكبرى فيها مساجد لأهل السنة إلا طهران ليس فيها مسجد سني واحد، وإلا بالكاتب الملقب نفسه بالعالم المفكر يرفع صوته ويقول: «ما المشكلة طهران ليس فيها مسجد للسنة فمكة ليس فيها مسجد للشيعة»!! ما شاء الله رده قوي ومفحم يمكن الشيعة أنفسهم ما جاء على بال أحدهم أن يرد مثله. على كل حال الكلام على هذا الكاتب يطول فلعل فيما كتبته كفاية ليحصل التحذير من فتنته.

ملاحظة:

سبق أن كتبت مقالاً بعنوان «مفكر إسلامي» انتقدت فيه هذا اللقب «مفكر إسلامي» فارجع له إن رغبت فهو في موقعي برقم (21).

جاءتني رسالة هذا نصها مع تعديل يسير:

كان هناك شيخ يفضّل أبا بكر وعمر وعثمان على الإمام علي بن أبي طالب وذات يوم قام فخطب في الناس وسرد أحاديث كثيرة في فضلهم وبعد انتظار قصير ، قامت له امرأة من بين الجمع.

فقالت: يا شيخ هل كان الثلاثة- أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم- يصلون على محمد وآل محمد في صلاتهم؟


فأجاب الشيخ: نعم
.

فقالت: وهل ذكرهم لأهل البيت في الصلاة واجب؟

فقال: نعم.

ثم ردت وقالت: وهل كان علي وفاطمة والحسن والحسين يصلون على محمد وآل محمد في صلاتهم؟


فقال مستغرباً: أكيد.

فردت وقالت: وهل كانوا يصلون على الخلفاء في صلاتهم؟


فبهت وتردد وقال: لا
.

فقالت: بالله عليك يا شيخ هل ذِكرُ الخلفاء يبطل الصلاة؟


قال بصوت مخنوق: نعم.


وقالت: هل عدم ذكر أهل البيت يبطل الصلاة؟


فقال: نعم.


فقالت عندها: فكيف تريد منا أن نفضل من ذِكرُهم- وهم الخلفاء- يُبطل الصلاة ونترك من وجب علينا الصلاة عليهم وطهرهم الله في كتابه العزيز؟ انتهت القصة.


يقول السائل: هذه الرسالة أرسلها لي صديق من الطائفة الشيعية وأنا من أهل السنة والجماعة وفعلا نحن لا نذكر الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم في الصلاة فكيف نفضلهم على علي بن أبي طالب رضي الله عنه ونحن نصلي علي محمد و آله؟ يا شيخ غفر الله لنا ولك.


الجواب على هذا السؤال سهل جدًا وليس كما تتصور
 فأقول:

  • 
أولاً: صحة الصلاة أو بطلانها لا علاقة لهما بأفضلية الخلفاء على آل البيت أو العكس، وإنما تصح الصلاة متى ما استوفت شروطها وتمت أركانها وواجباتها.

  • ثانياً: آل محمد معناه اتباعه والخلفاء الراشدون رضي الله عنهم هم أحق من يدخل في آل محمد صلى الله عليه وسلم.

  • ثالثاً: بالمنطق الذي ذكره تبطل الصلاة أيضا لو ذكر المصلي اسماء الله الحسنى بدلا من أن يصلي على محمد وآل محمد فهل يقال إن آل محمد خير من ذكر أسماء الله الحسنى
.

  • رابعاً: وكذلك الأنبياء والرسل والملائكة لو ذكروا في الصلاة بدلا من الصلاة على محمد وآل محمد لبطلت فهل في ذلك انتقاص لهم أو أن آل محمد خير منهم؟

  • خامساً: لو ذكر المصلي آل البيت بأسمائهم فقال اللهم صل على علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم لبطلت صلاته.

  • 
سادساً: لو تعمد المصلي وقرأ القرآن كاملا بدلا من الصلاة على محمد وآل محمد لبطلت صلاته أيضا ، فهل يقال إن الصلاة على آل محمد أفضل من القرآن؟

والله اعلم.


والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد على آله وصحبه اجمعين.

المقالات