موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

الشيخ عبيد الجابري عيوننا له مهاد وأجفاننا له غواش

5 ربيع الأول 1430 |

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

فإن من توفيق الله وإحسانه وكرمه علينا وأفضاله أن عرفنا بالشيخ الفاضل السلفي المربي عبيد بن عبد الله الجابري المدني، حفظه الله، وبارك فيه وثبته على السنة، وأحسن له النية والذرية وختم له بخاتمة خير. عرفه طلبة العلم من الكويت لما درسوا في المدينة النبوية فتتلمذوا على يديه وأخذوا عنه العقيدة السلفية النقية والمنهج السني المستقيم وتأثروا بأخلاقه وتواضعه الجم وأسلوبه المميز وحرصه على نفع المسلمين عامة وطلبة العلم خاصة.

الشيخ عبيد الله الجابري تلقى العلم على أيدي كثير من المشايخ العلماء والأساتذة الفضلاء رحم الله الاموات منهم، والأحياء كالشيخ العلامة المحدث حماد بن محمد الأنصاري والشيخ المحدث عبد المحسن العباد والشيخ أبو بكر جابر الجزائري والشيخ عبد الرحمن بن عبد الله العجلان وغيرهم كثير ممن لقيهم وعاصرهم واستفاد من المدنيين منهم والوافدين إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي يقصدها العلماء من كل بقاع الأرض ولقد اجتمعت ثلة منهم في الجامعة الإسلامية التي تتلمذ فيها الشيخ في المرحلة الجامعية وكان الأول على دفعته عام 1392 من الهجرة، وحصل أيضا على شهادة الماجستير في التفسير وعمل مدرسا في الجامعة نفسها.

كذلك الشيخ عبيد بن عبد الله الجابري وفقه الله عمل داعيا في مركز الدعوة والإرشاد بالمدينة النبوية وله رحلات وزيارات كثيرة في دول الخليج وغيرها ولقد زارنا في الكويت عدة زيارات وشارك في المخيمات الربيعية الدعوية وحاضر في بعض المساجد وكثير من الديوانيات والمجالس وزياراته مستمرة منذ ما يقارب خمسة عشر عاماً وما زلنا ننتظر زيارته باشتياق وتلهف، فجهوده في الكويت وغيرها طيبة نافعة مباركة، وطريقته في التدريس سهلة مميزة ونشاطه في التعليم والذب عن السنة والرد على أهل البدع كبير، وأما شروحه لكتب العقيدة والسنة وتفسيره للقرآن وآثارة المطبوعة والمسموعة فكثيرة جدا، تشهد بوضوح على سعة علمه ومدى نصحه واستقامة منهجه وسلامة عقيدته.

والشيخ في غنى عن هذا الإطراء لا سيما أن تزكية البشر فيها ما فيها { بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ } [النساء: 49]، وإنما نذكر هذا لأن الله جعل عباده شهداء في الأرض فنحن نشهد شهادة نرجو بها ما عند الله تعالى بأن الشيخ عبيد حفظه الله صاحب سنة ناصح لنا وقد بين لنا ولإخواننا كثيرا من أخطاء الجماعات والأحزاب بالأدلة والبراهين الواضحة وفي ذلك نصح لهم لو كانوا يعقلون، فجزاه الله عنا خير الجزاء.

هذا وللعلم وبلاغا لكل من يبلغه كلامي هذا بأن الشيخ عبيد الجابري وفقه الله في جميع زياراته للكويت فيما أعلم لم ينزل في ضيافة وزارة الأوقاف ولم تخصص له سيارة خاصة لتنقله ولم يمد يده لأحد ولم يطلب بمكافآت ولا هدايا ولا جوائز بل نفسه عزيزة عفيفة والفضل لله تعالى وحده الذي أكرمنا وشرفنا بزيارات الشيخ عبيد حفظه الله - والذي نحسبه والله حسيبه ولا نزكي على الله أحدا - أنه يزورنا في الله ولله لا يريد جزاء ولا شكورا، على الرغم من كبر سنه فقد تجاوز السبعين وهو ضرير يتعنى لزيارتنا!!

فكم نحن نفرح والله الذي لا إله إلا هو بزيارته بل ونتشرف بنزوله علينا في بلده وبين أهله وأبنائه ضيفا عزيزاً ونقول له إن عيوننا لك مهاد وأجفاننا لك غواش ولا تأخذنا يا فضيلة الشيخ بما قاله بعض الناس - هداه الل ه- فهو لا يمثل إلا نفسه ونطق بالنيابة عن حزبه. نسأل الله تعالى للشيخ عبيد الجابري التوفيق والسداد وان يمتعه بصحته ويحسن له الخاتمة وأن يخلف الله له في ذريته خيرا وبركة.

(تنبه هام)

احد الكتّاب في يوم الأربعاء 30 صفر 1430 في جريدة الوطن ذكر كلاماً خطيرا هذا نصه (في عام 1962 كان يوري غاغارين أول رائد فضاء سوفيتي في العالم كله يدور بمركتبه عدة مرات حول الكرة الأرضية وبنجاح كبير!! بعد أن لامست قدماه أرض المطار قال بعنجهية الفكر الإلحادي »لقد طفت بكل السماء وبحثت عن الله فلم أجده!!« الله عز وجل الموجود في السماء والأرض وفي الجبال والأنهار وفي مخلوقاته من بشر وشجر وطيور وهوام لم يستطع غاغارين أن يراه وهو الأقرب إليه من حبل الوريد، والمتمثل في روحه لكن لأنه لا يريد أن يرى شيئا واضحا فقد قال ما قال!!) انتهى كلامه بحروفه.

أقول: لا شك هذا كلام باطل ولا يليق بالله تعالى وهذه عقيدة وحدة الوجود وهو القول بأن الله حال في مخلوقاته وموجود في كل مكان حتى في جوف البشر والشجر والطيور وسائر الجمادات والحيوانات تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا. والحق الذي لا ريب فيه أن الله تعالى فوق جميع خلقه مستو على عرشه بائن من خلقه ليس في شيء من مخلوقاته وليس فيه من مخلوقاته شيء كما قال تعالى: { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } [طه: 5]، وقال: { يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ } [النحل:50]، وقال: { وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ } [الأنعام: 18]، وقال: { أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ } [الملك: 16]، وقال: { وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ } [البقرة: 255]، وقال: { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى } [الأعلى: 1]،

وفي الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء" [رواه أحمد (6494) وأبو داود (4941) والترمذي (1924) صحيح الجامع (5835)]، ولقد أجمع سلف الأمة من الصحابة والتابعين على علو الله تعالى على جميع خلقه ولم يؤثر عنهم حرف واحد يخالف ذلك، وهذا معروف بالفطر السليمة والعقول المستقيمة، وأما قوله تعالى "وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ"[ق: 16] فالمراد ملائكة الله تعالى أقرب إلى الإنسان من حبل وريده فإن الله لم يقل وأنا أقرب إليه كما أفاد الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره للآية، وقال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في الفتاوى (5/236): "هو قرب ذوات الملائكة" انتهى.

وأما عن رؤية الله عز وجل فإنه لا يراه الناس في الدنيا ويراه المؤمنون في الجنة. اسأل الله أن يرزقنا من فضله ويجعلنا ممن اهتدى إلى الحق وتمسك به. والحمد لله أولا وآخر وظاهرا وباطنا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المقالات